فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

فصل المقال في أزمة حزب المؤتمر(10)

Thursday 14 March 2019 الساعة 08:34 pm

إلى الآن لا ندري -على وجه الدقة- ما آخر نتائج اللقاءات التي تمت بين القيادات المؤتمرية الموجودة في الخارج، لجهة لملمة صفوف الحزب المنكوب، وكنت قد طلبت المساعدة بهذا الخصوص من الصديق الدكتور ابن دغر، بداية شهر يناير، فاستجاب.. غير أنه طلب بعض الوقت؛ نظراً لكثرة مشاغله، حينها، ولكن يبدو أنها لم تدع له فرصة المساعدة، ونحن نعذره.

لقد قلنا في المقال السابق، إن ما نعرفه هو أن التفاهم بين رؤوس الشتات في الخارج له دور كبير في استرداد حزب المؤتمر عافيته.. ونقول إن ما نعرفه بالضبط هو أنه يتعين إجراء مصالحة تاريخية بين قيادات الداخل والخارج، يخرج بها المؤتمر من أزمته الراهنة. هذه المصالحة باتت خياراً وحيداً، وينبغي أن تتم الآن، لكي يستعيد حزب المؤتمر تماسكه التنظيمي ودوره في الحياة العامة، من خلال قيادة موحدة يتم التوافق عليها توافقاً يصبغها بشيء من الشرعية المنقوصة. أما إذا استمرت هذه الأزمة دون معالجة حقيقية، فسوف تتسع رقعة الخلاف بمرور الوقت، وستقود المؤتمر إلى حتفه، أو على الأقل إلى تضعضعه ليبقى مجرد صورة تذكارية، إذ ستعمل أطراف أخرى منافسة أو خصيمة على تعميق الخلاف كما قد فعلت في البداية، ونعتقد أن الدكتور القربي قد أشار -في إحدى تغريداته التي سبق ذكرها- إلى أن شيئاً من هذا يحدث الآن.

إن واحدة من مزايا المؤتمر الشعبي ذاته، أنه لا أحد من المختلفين الذين انقسموا ويتنافسون اليوم، قد ادعى أن الاشتباك اللفظي يدور حول مشروعية وشرعية وجود الحزب، كما لم يظهر أيٌ منهم نزوعاً نحو إضعافه، بل على العكس، تجد أن كل طرف يؤكد حرصه على الحفاظ عليه وتعزيزه بشتى عناصر القوة السياسية والتنظيمية. وإنما الخلاف الدائر إلى الآن يتمحور حول قضية تنظيمية، وهي زعامة الحزب.. فكلا الفريقين الرئيسين يدعي أن القيادة الشرعية منوطة به، والمثير للانتباه أن كل طرف يستند في ادعائه إلى أدبيات المؤتمر الشعبي، فالرئيس هادي ومعه قيادات المؤتمر في الجنوب وتلك التي تقف إلى جانبه في الخارج يتكئون على النظام الأساسي للحزب، وكذلك تفعل القيادة الجديدة في صنعاء. بينما هذا النظام ظل عرضة للانتهاك مرة بعد مرة وبصورة صريحة منذ العام 2011 على الأقل، وواحدة من الأسباب الرئيسية في تعقيد الأزمة الداخلية بشأن قيادة الحزب بعد صالح، هي تلك الانتهاكات، التي يتعين على المتصدرين لمساعي المصالحة وضعها في الاعتبار.

لم تكن رئاسة المؤتمر الشعبي موضوع نزاع من قبل كما ذكرنا مراراً، وإنما حدث ذلك بعد اغتيال الرئيس صالح، الذي ظل رئيساً للمؤتمر منذ عام 1982 وحتى تاريخ اغتياله، فهو كان رئيساً للحزب يوم كانت رئاسته ممثلة في الأمين العام اللجنة الدائمة، ثم بعد ذلك باسم الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام، ثم الأمين العام رئيس اللجنة الدائمة، ثم باسم رئيس المؤتمر الشعبي العام منذ 1995 إلى مطلع ديسمبر 2017.. وبعد اغتياله رأى الرئيس هادي أحقيته في منصب رئيس المؤتمر كونه كان النائب الأول، بينما اختارت اللجنة العامة صادق أمين أبو راس رئيساً للمؤتمر بذريعة أن اللجنة الدائمة زكّته في نوفمبر 2014 نائباً لرئيس المؤتمر (نائب دون تحديد أول أو ثاني).. فمن منهما هو الرئيس الشرعي للمؤتمر إذن؟

المسألة باتت ملتبسة بسبب مخالفات تنظيمية ارتكبت ضد النظام الأساسي كما قلنا.. كان رئيس الجمهورية هادي هو نائب وحيد لرئيس المؤتمر من عام 1995 إلى أواخر 2005، وبعد ذلك صار النائب الأول لرئيس المؤتمر، وعبد الكريم الإرياني النائب الثاني. ولأسباب معروفة ومفهومة اقترح الرئيس صالح على أعضاء اللجنة الدائمة أن يصبح الدكتور أحمد عبيد بن دغر النائب الأول بدلاً من هادي، فزكت اللجنة اقتراحه، وزكت أيضاً مقترحين آخرين هما جعل صادق أبو راس نائباً لرئيس المؤتمر، دون تقييد ذلك بلفظة أول أو ثاني، لأن الأول قد صار ابن دغر، وكان عبد الكريم الإرياني ما يزال النائب الثاني منذ العام 2005، وواضح أن أبو راس كان بديلاً لهذا الأخير، لأن الزعيم صالح كان غير راضٍ عن ميل الإرياني جهة الرئيس هادي منذ أول خطوة نحو مؤتمر الحوار الوطني. وفي الوقت نفسه كان هادي ما يزال هو النائب الأول لرئيس المؤتمر، بناءً على الفتوى التي أصدرتها هيئة الرقابة التنظيمية بعد تعيين ابن دغر نائباً أول، وهذا يعني أنه بات لدينا أربعة نواب لرئيس المؤتمر في وقت واحد: هادي وابن دغر وكلاهما نائب أول، ثم هناك النائب الثاني وهو الإرياني، والرابع أبو راس حامل صفة نائب رئيس المؤتمر دون تحديد أول أو ثاني أو رابع.. ثم بعد عاصفة الحزم 2015 يظهر النائب الأول ابن دغر إلى جانب النائب الأول هادي في الرياض، ويكون رد فعل رئيس الحزب صالح ترقية أبو راس إلى نائب أول له.. فهل في ظل هذه الملابسات يستطيع مؤتمري دقيق النظر رؤية شيء شرعي واضح بشأن رئاسة الحزب؟ وقس على ذلك منصب الأمين العام.

إذن.. فالمنازعة تنظيمية بالدرجة الأولى، جوهرها شرعية أو عدم شرعية قيادة كل طرف داخل المؤتمر، وليس نزاعاً على شرعية المؤتمر نفسه، نزاع على القيادة بين فريقن رئيسيين هما: مؤتمر صنعاء بقيادة أبو راس، ومؤتمر الجنوب والخارج بقيادة هادي، أيهما صاحبها الشرعي؟ وقلنا إن المنازعة هي بين الفريقين الرئيسيين، لأن الثالث الذي يسمى جناح أحمد علي أو مؤتمر أبو ظبي- القاهرة، ليس في مكانة تسمح له الدخول في معركة القيادة الأولى، لكن يمكنه القيام بدور فعال في مشروع المصالحة وجزء منها، خاصة وأن بعض قياداته تقترب من مؤتمر هادي، وأخرى إلى مؤتمر صنعاء أقرب.

هذا النزاع حول الشرعية يصعب حسمه كما يظهر لنا، حسماً قانونياً قبل نهاية الأزمة السياسية والحرب ذات الامتداد الخارجي، ومعروف أن الأزمة السياسية الداخلية ثم تدخل التحالف العربي عسكرياً في اليمن، كان من جملة أسباب وجود مؤتمر شعبي في صنعاء وآخر في عدن- الرياض وثالث في أبو ظبي- القاهرة، مع ذلك يمكن التغلب على النزاع بطريقة ما استثنائية، وهذا يتطلب استحضار أساليب مثل التوافق والتراضي. فدائماً تكون الحلول موجودة في مكان ما، وهي موجودة في كل الأماكن التي تقيم فيها قيادات مؤتمرية، سواءً أكان هذا المكان صنعاء أو الرياض أو عدن أو القاهرة أو أبو ظبي. وهناك أفكار ظاهرة كثيرة تتعلق بحل المشكلة الراهنة.. حل على المستوى الاستراتيجي (البعيد)، وحلول على المستوى القريب (الآن).

من خلال ما بسطناه في المقالات السابقة تظهر أمامنا خيارات متعددة، لكننا قبل عرضها نود تسجيل الملاحظة التالية، وهي أن هذه الخيارات قد تبدو في نظر بعض المطالعين كأنها محاولة لإنهاض حزب من أجل أشخاص يحققون من خلاله مصالحهم: هادي، أبو راس، أحمد، القربي، ابن دغر، البركاني، وربما العليمي وهلمّ جرا.. والأمر ليس كذلك، فالكاتب ظل- وما يزال- يقول إن هذا معيب بحق المؤتمر الشعبي، وليس من أجل هذا تؤسس الأحزاب وتقاد، بل الأصل أن نعمل من أجل حزب للمواطنين والبلاد، وليس من أجل حزب لشخص أو مجموعة اشخاص مهما علا قدرهم، ومن جانب آخر أفدنا عند تحرير هذه الخيارات من معلومات توافرت بين يدينا من خلال متابعتنا المستمرة للتحركات التي قام بها قياديون في المؤتمر للم الشتات، وقد أشرنا إلى أبرزهم، في المقال التاسع.

بعد هذا التوضيح نبسط تلك الخيارات ونقرن كل واحدة منها بمظاهر قوته وضعفه.. أنها مشاريع مقترحة نضعها للنقاش والنقد والمراجعة والتطوير والإضافة والشطب وأيضا الرفض، وهذه الخيارات هي:

الخيار الأول: الاتفاق على أن القيادة الشرعية للمؤتمر تتقرر في مؤتمر عام.. فإذا سلمنا بأن النزاع يدور حول شرعية القيادة في كل طرف داخل الحزب، وهذا صحيح، فالمخرج هو قيادة شرعية، وشرعية القيادة تتقرر في المؤتمر العام الثامن، وينبغي الاتفاق على ذلك والتجهز له.

تلك هي الطريق الاعتيادية والقانونية، التي حددها النظام الأساسي للمؤتمر الشعبي، فهو ينص على أن المؤتمر العام هو أعلى هيئة قيادية فيه، وهو يتكون من مندوبي الفروع والهيئات الحزبية المنتخبة من المؤتمر العام السابق أو بموجب قراراته وتوصياته، ومن أهم صلاحياته انتخاب رئيس المؤتمر الشعبي، ونائبين له، والأمين العام، وأعضاء لجنة دائمة، وأعضاء هيئة الرقابة التنظيمية والتفتيش المالي والإداري، وبعد انتخاب أعضاء اللجنة الدائمة تباشر عقد دورتها الاعتيادية الأولى لتنتخب أعضاء اللجنة العامة والأمناء العامين المساعدين... إلخ.

هذا الخيار صحيح.. سليم.. قانوني.. وميزته الكبيرة أنه طريقة مقبولة من الجميع لحسم النزاع، وشرعية القيادة التي تنتج عنه لن يكون مطعوناً فيها، أو الانتقاص منها، إلا أن تنظيم المؤتمر العام الثامن أمر عسير بل مستحيل الآن، سواءً في الداخل أو في الخارج، وخاصة أن لدينا مشكلة كبيرة، وهي أن قيادة الحزب وأعضاء اللجنتين العامة والدائمة، في صنعاء، أمامهم عائق يحول دون مشاركتهم حالياً في أي مؤتمر اعتيادي أو حتى استثنائي، فالحركة الحوثية تمارس شتى الضغوط على قيادة الحزب هناك، لإعلان براءته من جميع القيادات في الخارج، وحتى التي في الجنوب بدعوى أنهم عملاء ومرتزقة عدوان، فكيف لو اجتمعت معها في عدن أو حتى في القاهرة. هذه الملابسات تجعلنا نستبعد هذا الخيار الآن، إلى أن تتوافر الشروط والظروف المناسبة، بعد الحرب وإحلال السلام.

الخيار الثاني: تنظيم مؤتمر استثنائي في عدن أو المكلا أو سقطرى، يضم قيادات المؤتمر في المحافظات الجنوبية والشرقية، والمحافظات والمناطق الشمالية والغربية غير الخاضعة للسيطرة الحوثية، وقيادات المؤتمر في الخارج (السعودية- الإمارات- مصر)، ومسبقاً ينبغي الاتفاق على قوائم المشاركين فيه، وأن تحصر مهمته بوضوح من البداية، وهي تحقيق هدفين: الأول، اختيار قيادة موحدة للمؤتمر إلى جانب الرئيس هادي، باعتباره رئيس الحزب، استناداً إلى كونه ما يزال النائب الأول قبل اغتيال صالح، وأن يصبح أبو راس نائباً أول له يتولى قيادة المؤتمر في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في حال وافق على ذلك قبل المؤتمر الاستثنائي، ويختار المشاركون النائب الثاني ورئيس هيئة الرقابة التنظيمية والأمين العام من قائمة تضم أسماء أحمد علي، القربي، ابن دغر، العليمي، الميسري، والبركاني. وينبغي أن ينص بيان هذا المؤتمر الاستثنائي أن طريقة اختيار القيادة الجديدة أملتها ظروف قاهرة في هذه المرحلة، وأن الفترة الزمنية لولاية هذه القيادة لا تتعدى السنة التالية لنهاية الحرب، ويعقد المؤتمر العام الثامن، بعد زوال الانقسام الراهن، وعودة القيادات النازحة، وتوافر الظروف المناسبة لذلك. أما الهدف الثاني لهذا المؤتمر الاستثنائي، فهو الاتفاق على برنامج العمل السياسي لحزب المؤتمر خلال الفترة الزمنية المذكورة.

يتعلق بهذا الخيار أمران: الأول، هل يستطيع الرئيس هادي ومساعدوه -من الناحية العملية- ضمان تنظيم مؤتمر كهذا في عدن أو أي مدينة يمنية في الوقت الراهن؟ الأمر الآخر أنه سيقال هذا يتصادم مع دستور الحزب، أي أن هذا المؤتمر الاستثنائي لن يكون شرعياً، وبالتالي فنتائجه معدومة الأثر، كونه تم خارج إطار النظام الأساسي. ولكن هذا الاعتراض – 
وهو صحيح- متوقع أن يصدر من القيادة في صنعاء، أما المشاركون في المؤتمر المقترح فينبغي أن يكونوا قد احتملوا القبول بتجاوزات استثنائية للنظام الأساسي، لدواعٍ استثنائية أيضاً.. وعلى الرغم من عدم قبولنا بمنطق الذرائعية، نقول الأمور كلها في البلاد تدار منذ فترة بتجاوزات قانونية، وصار الدستور اليمني النافذ بين المهملات، وطالما انتهك النظام الأساسي للحزب بصورة سافرة خاصة في السنوات الأخيرة، فلنحتمل التجاوز الاستثنائي لمصلحة كبرى.

أفضلية هذا الخيار أنه سوف ينهي حالة الانقسام القائمة على المستوى الخارجي، وبقدر أقل على المستوى الداخلي. على المستوى الداخلي ستزول المبررات التي قامت عليها محاولات إيجاد المؤتمر الشعبي الجنوبي المنفصل عن المؤتمر، وسوف يستعيد المؤتمريون في الداخل حيويتهم التنظيمية والسياسية وثقتهم بحزبهم.. أما على المستوى الخارجي سوف تصبح قيادات المؤتمر في الرياض والقاهرة وأبوظبي كتلة متوافقة، وتمهد لتوافق أوسع لاستئناف السير في الطريق الصحيح.

الخيار الثالث: أن تستمر العملية الاتصالية التي بدأها السابقون، وأن يتم تدعيمها وتطوير آلياتها، ومن أجل فعاليتها يتعين أن تقود هذه العملية وتقوم بها جماعة في الحزب مكونة من قيادات مجربة، محل توافق بين القيادات في صنعاء والرياض وأبوظبي، لكي تحظى بالقبول. على أن يكون الهدف الأساسي من العملية الاتصالية بين الأطراف الثلاثة استجلاء وجهات نظر كل منها حول الطريقة التي تراها مناسبة لإقالة الحزب من عثرته، وتقوم هذه اللجنة بنقل وجهات النظر بين الأطراف المذكورة بعد أن تسجل الأفكار والآراء والتعليقات بعناية ووضوح قبل نقلها تجنباً لأي التباس، ويلي ذلك مناقشات بين رئيس وأعضاء اللجنة قبل صياغة مشروع توفيقي- توافقي يكفل خروج الحزب من مأزقه الراهن، من خلال قيادة موحدة مؤقتة.

الخيار الرابع: الاتفاق على تجميد العمل بالقرارات التي أصدرها رئيس المؤتمر وأي قرارات صدرت باسم اللجنتين العامة والدائمة، وقرارات تنظيمية أصدرها الرئيس هادي، وذلك منذ بداية الخلاف وحتى اليوم، كونها اتخذت بدوافع غير نزيهة ولدتها ملابسات الأزمة السياسية والحرب، والعلاقة المتأزمة بين رئيس الحزب ونائبه، وتلك التي طرأت بعد اغتيال رئيس الحزب صالح.

يتيح هذا الخيار للرئيس هادي تولي رئاسة الحزب، وسوف يجمع حوله معظم القيادات المختلفة في ما بينها الآن، ويمكن الحزب من استئناف دوره في الجنوب والشمال. لكن الخيار نفسه تحيط به مظاهر ضعف، فمن جهة سوف تعارضه القيادة في صنعاء، ومن جهة ثانية لن يحظى بتأييد قيادات الخارج المرتبطة بأحمد علي، فضلاً عن أن هاتين الكتلتين القياديتين، وقيادات أخرى شديدة الولاء للزعيم صالح قد تبدي رفضها تجميد العمل بأي قرارات اتخذها كون ذلك يطعن في التزامه بأدبيات حزبه، أو يلقي ظلالاً من الشك حول تصرفاته التنظيمية.

الخيار الخامس: بقاء الوضع كما هو عليه إلى فترة ما بعد الحرب مع عدم السماح لأي طرف آخر توسيع رقعة الخلاف، ومن المؤكد أن الخلاف بين الأطراف المذكورة سوف يبقى قائماً عند حدوده الحالية، إلا أن مرحلة السلام سوف تضع أمامها فرصة للتواصل المباشر، والذي ينبغي أن يؤدي إلى توافقها حول الطريقة المناسبة التي بها تكون للمؤتمر قيادته الشرعية الموحدة. وسيكون جيداً لو توافقت على تشكيل هيئة تتولى التحضير لمؤتمر عام استثنائي بداية الفترة الانتقالية التي ستلي نهاية الحرب لانتخاب قيادة للحزب خلال المرحلة الانتقالية، أو عقد المؤتمر العام الثامن الذي لم يعقد منذ نهاية فترة القيادة التي اختارها مندوبو المؤتمر العام السابع الذي عقد بمدينة عدن في شهر ديسمبر 2005.

الخيار السادس: تأسيس حزب جديد.. وقد يبدو هذا المقترح أو الخيار غريباً للذين اعتادوا البقاء على المألوف، وقد يعتبره آخرون ضرباً من الهروب أمام الأزمة الراهنة نتيجة عجزنا عن حلها. وربما يقول قائل من الذين خبروا تجربة المؤتمر الشعبي إن خياراً كهذا غير مبرر، أي لا توجد دواع لتأسيس حزب بديل لحزب محترم.. بالنسبة لنا القضية مختلفة، وهي هذه القيادات المؤتمرية في صنعاء، عدن، الرياض، القاهرة، أبو ظبي وفي أي مكان آخر... والتي تتشارك القلق على حزب المؤتمر، وتريده حزباً موحداً قوياً، هل لديها استعداد لكي تتحد معاً للمشاركة في تأسيس حزب جديد يكون نسخة مطورة للمؤتمر الشعبي العام؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، ينبغي على هذه القيادات أن لا تضع نفسها في مواجهة مع الآخرين الذين سيختارون الإبقاء على المؤتمر الشعبي العام كما هو.. فأن يخرج قوم من المؤتمر ليشكلوا حزباً جديداً، لا يعني حل الحزب.. يعني فقط أن القوم قرروا مغادرته لكي يؤسسوا ويبنوا حزباً جديداً بنظام جديد وبرنامج عمل سياسي جديد، ويأخذ من سابقه أفضل ما فيه، ويترك ما دون ذلك.

إن نقطة ضعف هذا الخيار هي عدم تحققه الآن في حالة الحرب القائمة.. أما قوته فتكمن في التقاء مختلف القيادات عند حزب جديد حداثي مستخلص من تجربة حزب تولى السلطة في شمال اليمن ثم في اليمن الموحد لفترة زمنية طويلة طويلة.

(*) عضو اللجنة الدائمة الرئيسية