صالح فرج

صالح فرج

تابعنى على

أليس من نهاية للقتل؟

Monday 06 May 2019 الساعة 11:55 am

لا أجد وصفاً يمكن أن أصف به واقع الحال في بلدنا.. كنت وما زلت أعتقد أنه موطن الأمل.. 
كنا نعيش في زمن مضى ليس بعيداً، الهدوء والسكون والطمأنينة.. 
هكذا تميزت بلادنا حضرموت ووُصفت بأنها منبع ومنبر للعلم والدين..

نشر أسلافنا الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها، لا بقوة السيف ولكنهم نشروه بما تشبعوا به من هدوء وسكينة تزوّدوا بها من هذا البلد الطيب وأهله.

هو فعلاً وحقيقة بلد طيب مهما حاول ناكرو الإنسانية فعله من جنون للبشاعة بالقتل والتدمير والجريمة.. لن يمضوا إلى مبتغاهم، فنحن حضارمة.

نعيش في وادي حضرموت اليوم حالة من الرعب الشديد، تعصف بنا الفجائع، فلا يكاد يمر وقت حتى تصعقنا عاصفة حزن جديدة يتفنن أعداء الحياة والسلام والإنسانية في اختيار توقيتها وضحاياها بعناية شديدة بحيث لا تكون مقبولة ولا معقولة ولا تنتمي لعقل كائن بشري عادي، بل تخرج عن كل مألوف أو ما يمكن أن يكون حتى شيطانيا أو جهنميا.

المهم أن تترك ألماً لا يستطيع تحمله أو نسيانه أو حتى مجرد التفكير به عقل إنسان سوي أبداً.

بالأمس وفي يوم الجمعة الأخير قبل قدوم الشهر الفضيل تم في مديرية القطن قتل كل معنى لشيء قد يتصف بالحياة أو السكون أو الهدوء.. بل يمكن أن نقول إنه محاولة لشطب الإنسانية من قاموس وادي حضرموت وانتصار الرعب والخوف والألم.

الحادث الذي حصد الشاب والكهل والطفل بل وأخذ معه الفرح بمفهومه العام..

كيف يحدث ذلك القتل وبتلك الطريقة وبمنتهى التنكيل ليس بالضحايا وذويهم بل بكل أهل حضرموت دون أن يحرك لدى من ولي الأمر شيئاً غير بعض الكلمات التي تلوكها الألسن وتدبج بها الصفحات من استنكار أو شجب. 
أليس فينا من رجل رشيد؟ 
ألا يوجد لأهل الحل والعقد وجود بيننا؟

أين من يستميتون في تسمياتهم وصفاتهم بالنخب أو المرجعيات أو غيرها من الكلمات والصفات التي تفقد اليوم معناها مما يحدث في بلدهم! أليسوا معنيين أكثر من غيرهم بالتصدي والاستبسال؟ أم أنهم فقط ممن يجيدون تدبيج الصفحات وحب الظهور على المنصات.

لسنا بحاجة اليوم لكلمات وبيانات؛ البلد بحاجة لعمل دؤوب ومكتمل.. لا يمكن لأحد أن يحتكر لنفسه الزعامة أو لأسرته أو لقبيلته نحن بحاجة للالتفاف حول بعضنا البعض صغيرنا قبل الكبير بدون صفات ولا نعوت، فالخطر محدق بالجميع والكل في دائرة الوقوع في فخ القتل والإرهاب والتنكيل.

ما معنى أن يحدث كل هذا القتل والتدمير والخراب دون أن يتم القبض على أي جاني ولو شخص واحد في قضية واحدة من كل الحوادث التي مرت بنا في وادي حضرموت.

هناك من يتّهم الناس بعدم التبليغ أو التقاعس، كيف بالله عليكم سيتفاعل الناس مع جندي يقف بالنقاط المختلفة لا همّ له سوى الحصول على جباية ممن يمر.

كيف للناس أن تثق في جندي منوط به تنظيم المرور أو الحراسة ضمن نقطة أو طقم عسكري يقف هنا أو هناك ولا هم له سوى الحصول على مبلغ من مخالف يمر دون رقم، او قاطرة تحمل حمولة في طريقها إلى مستودع للتفريغ لأن له أشهراً بدون راتب.

كيف للناس أن تبلغ معسكراً يمر بجانبه موكب مدجج بالسلاح ويطلق الأعيرة النارية فرحا بزواج فلان بن فلان او علان بن علان وقد يشارك ذلك الجندي اولئك المحتفلون بإطلاق اعيرة من خلال طقمه العسكري حتى وإن كان مضادا للطيران، كما ان كثيراً من الحوادث قد حدثت على مقربة من معسكرات دون أن تحرك تلك المعسكرات ساكنا.. وما حادثة مقتل الجندي صالح هادي مدندن أمام محطة محروقات بن عبودان في القرن بسيؤن عنا ببعيد، فموقع الحادث يتوسط المعسكرات المختلفة بالمدينة، من أمن عادي لأمن مركزي وقيادة المنطقة العسكرية بل وحتى مركز قوات التحالف
كيف ستأتي ثقة المواطن بهؤلاء وفي ظل هكذا أوضاع؟!

لأن تعطى الثقة يجب أن تكون أهلاً لها..

*من صفحة الكاتب على (الفيس بوك)