فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

الإصلاح والإرهاب (3)

Saturday 01 June 2019 الساعة 08:08 pm

انخرط بعض رجال حزب الإصلاح في تنظيم دولة الخلافة الإسلامية (داعش)، كما فعل الاخوان المسلمون في مصر أثناء فترة حكم المرشد، ثم تضامنوا معاً في شبه جزيرة سينا تحت راية تنظيم بيت المقدس الإرهابي الموالي لداعش، وتجد في الحالة اليمنية أوضح مثال لذلك الانخراط، لدى شيخ الصحويين السعوديين، الشيخ سفر الحوالي، ففي كتابه (المسلمون والحضارة الغربية) كتب يقول: على فرض أن تنظيم الدولة (داعش) كله خوارج، لا يجوز التحالف عليهم مع أمريكا فالخوارج مسلمون، والأمريكان كفار، وقد قلت لبعض الإخوة في صنعاء أنتم أقوى من أمريكا، وقابلت في اليمن من أخبرني أن من شيوخ اليمن من يجير مطلوبين لأمريكا، وسمى لي بعضاً ممن أعرفه، وأشار الحوالي إلى أن هذا الذي يوجد في اليمن يقل مثله في بلاد أخرى.

أما أصدق مثال عملي مكشوف للمزاوجة الإصلاحية- الداعشية فيتمثل في القيادي الإصلاحي بلال علي محمد الوافي المكنى أبو وليد (وبلال هذا هو ابن علي محمد الوافي رئيس الدائرة الاقتصادية في الأمانة العامة لحزب الإصلاح الموجود حاليا في تركيا). عرف بلال بأنه منسق العلاقة بين تنظيمي داعش والقاعدة في محافظة تعز، وكان أول باذلي المحاولات لتكوين فرع لتنظيم داعش هناك.

وبمقتضى القرار التنفيذي رقم 13224، أدرج مكتب مراقبة الأصول الخارجية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (أوفاك)، اسم بلال الوافي في قائمة العقوبات التي تستهدف قادة وممولي تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين، كما أدرج اسمه في قوائم قادة وممولي الإرهاب لدى السلطات السعودية ودولة الإمارات العربية ودول أخرى.

برز هذا القيادي الإصلاحي (أبو الوليد) بمدينة تعز أواخر العام 2015، كقائد فصيل إرهابي علني ارتكب مذابح دموية كثيرة، وعمل الوافي من أجل توطين تنظيم داعش في تعز، على الرغم من أنه معروف ضمن القيادات الأساسية لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العرب، وكان نشاطه محفوفاً برعاية جيدة من حزب الإصلاح، وحتى بعض ألوية ما يسمى الجيش الوطني في تعز التي أفقدها حزب الإصلاح هويتها الوطنية بعد سيطرته عليها.

قبل ذلك كان بلال -حسب الأخبار المتواترة- أحد المدبرين الأساسيين للهجوم الذي استهدف ممرضات وأطباء ومرضى في دار العجزة بمديرية الشيخ عثمان، كما أنه أحد مدبري الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة أكثر من 90 طالباً في كلية الشرطة أثناء تجمعهم في ميدان السبعين بالعاصمة صباح 21 مايو 2012.

بعد أن داهمت قوات الحشد الشعبي المدينة القديمة في تعز ونفذت جرائم مروعة ضجت لها القوى السياسية المختلفة التي صنفها حزب الإصلاح ضمن خصومه السياسيين، اتجهت قبل أسابيع إلى جبل حبشي، لتمسك بالوافي الذي كان يقيم هناك منذ فترة، وأعلنت أنها ألقت على الإرهابي، لتغطي على الجرائم التي ارتكبتها قبل ذلك بوقت قصير. وعلى الرغم من أن الجهة التي أعلنت القبض عليه هي نفسها التي كانت تعاضده من قبل، إلا أن هناك من يرى في الحالة شاهد على أن حزب الإصلاح غير موقفه من تنظيم دولة الخلافة الإسلامية (داعش) في الفترة الأخيرة.

والإنصاف يفرض تقبل فكرة التغيير هذه، أكان ساعتها تعز أو غيرها، فمن جهة يجد حزب الإصلاح نفسه مطالبا بتمييز نفسه عن التنظيم الإرهابي المحظور عربيا ودوليا، ومن جهة ثانية أنه يعتبر تنظيم داعش تنظيما منافسا، إذ إن هذا التنظيم طالب دولة، فهو يسعى لإقامة دولة الخلافة الخاصة به، تماما مثل جماعة الإخوان المسلمين حيث تعتبر إقامة دولة الخلافة الإسلامية أسمى أمانيها، بخلاف تنظيم القاعدة الذي ليس في عقله فكرة الحكم، وبالتالي فهذا الأخير ليس منافسا للإخوان بل هو داعم لهم.

وربما يكون الشاهد التالي مشجعا على القول إن حزب الإصلاح غير موقفه من تنظيم داعش في الفترة الماضية. إذ إن هذا الأخير صار يطلق على بعض قيادة الإصلاح صفة مرتد، ومثال قريب لذلك البيان الذي أصدره تنظيم داعش في ما يسمى ولاية البيضاء. ففي الوقت الذي أكد فيه أن الإصلاح شارك في المعارك التي جرت بينه وبين تنظيم القاعدة بمديرية قيفة في يوليو الماضي قال: استجلب المرتد سنان جرعون، وكيل محافظة البيضاء عن حزب الإصلاح إلى قيفة 300 ضابط وجندي من اللواء 117، لمساندة تنظيم القاعدة في قتالنا!