فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

الإصلاح والإرهاب (5)

Saturday 15 June 2019 الساعة 10:39 am

عرضنا في المقالات الأربعة السابقة بعض الشواهد التي تبين أن حزب الإصلاح يعمل مع التنظيمات الإرهابية تحت راية واحدة هنا في اليمن.. ثمة شواهد ترينا أن الأمر لا يقتصر على اليمن بل يمتد إلى جهات أخرى خارجه.

بعدما يفتضح الإصلاح دولياً فإن أقصى ما يقوم به أنه ينحّي قياداته الفاضحة جانباً دون إدانة... لم يدن الإصلاح إرهابياً واحداً.. والمشهور منهم يحيله للاستراحة كما في حالة الشيخ الزنداني، فقد تولى الزنداني رئاسة مجلس شورى الحزب منذ المؤتمر العام الاول- الدورة الاولى1994، إلى ما قبل المؤتمر العام الثالث 2003 ونُحي أو أُقصي بعدما شمله قرار مجلس الأمن الدولي الخاص بمعاقبة ممولي وداعمي الإرهاب، وبعد قليل سنرى حالة مماثلة أحدث.

ونشير هنا إلى أن لدى جماعة الإخوان المسلمين عقيدة مؤداها عدم جواز إدانة فصائل العمل الإسلامي، مهما تورطت في أعمال العنف.. يقولون إن مصلحة العمل الإسلامي تستدعي استخدام وسائل العنف، وهذا بدوره يستدعي قيام الإخوان بمناورة يسمونها إظهار النكير، وبتعبير صلاح الصاوي: مصلحة العمل الإسلامي تقتضي الأعمال الجهادية، فيقوم بها فريق، وفريق آخر يظهر النكران.. أي أنهم يمارسون العنف والإرهاب، وعندما تفضحهم الصورة، أو ينتقدهم حليف أو تدينهم منظمة دولية معتبرة يخرج منهم من يستنكر الفعل، ويحيله إلى مجهول.

ذكرنا قبل أن كبير شيوخ الصحوة (الإخوان) في المملكة العربية السعودية الدكتور سفر الحوالي عبّر عن سروره بقيام شيوخ الإصلاح بتوفير حماية لمن سماهم المجاهدين، وقال إن ما يقومون به لا يقوم به سوى قليل من أمثالهم في بلاد الإسلام..

وفي كتابه الأخير الذي أصدره عام 2018 (المسلمون والحضارة الغربية) أشاد الحوالي بالذين يقدمون العون لتنظيم بيت المقدس الموالي لداعش في سيناء، واعتبر مقاتلتهم الجيش المصري جهاداً. وفي جهات أخرى، سجل مصريون وسوريون شهادات مماثلة استحقها قياديون بارزون في حزب الإصلاح لبلائهم في دعم جماعة الإرهاب بشبه جزيرة سيناء، وتنظيم القاعدة في الشام- جبهة النصرة. ونرى أنه من المناسب التذكير بالأزمة التي حدثت بين الحكومتين المصرية واليمنية، والتي بسببها اضطر الرئيس هادي لإرسال وفد أمني إلى القاهرة ترأسه الدكتور علي الأحمدي رئيس جهاز الأمن القومي أواخر العام 2014.. ففي تلك الفترة نفذت القوات المسلحة المصرية عملية هجومية في شبه جزيرة سيناء نتج عنها تصفية 75 إرهابيًا من عناصر تنظيم القاعدة والإخوان المسلمين. بعد التعرف على هوياتهم اتضح أنهم يمنيون. ووجهت المخابرات المصرية- عبر السفير المصري في صنعاء- خطاباً إلى جهاز الأمن القومي اليمني تضمن احتجاج مصر على دور جماعة الإخوان المسلمين في اليمن بدعم جماعة الإخوان المصرية من خلال إيواء قيادات وعناصر منها، وتدريب مقاتلين وإرسالهم من اليمن إلى مصر للقيام بأعمال إرهابية ضد الجيش المصري.

قدمت السلطات المصرية أيضاً دلائل تؤكد أن أولئك الإرهابيين لم يدخلوا الأراضي المصرية بطريقة قانونية عبر المطارات أو الموانئ أو الطرق البرية، حيث ظهر من خلال الجوازات أنهم لم يحصلوا على تأشيرات خروج من اليمن، ولا تأشيرات دخول إلى مصر. لقد عبروا الحدود تسللاً بمساعدة آخرين، الأمر الذي يرينا أن القيادات الإصلاحية التي جندتهم وأرسلتهم إلى هناك كانت تنسق مع تنظيمات إرهابية في أكثر من بلد.

رضخ الوفد اليمني أمام الوقائع التي قدمتها المخابرات المصرية، بالإضافة إلى اعترافات اليمنيين الذين تم أسرهم أثناء عمليات قتالية في سيناء، بين الجيش المصري والجماعات الإرهابية المؤيدة لجماعة الإخوان صاحبة الرئيس مرسي.

ترى ما هوية تلك القيادات؟ المعلومات التي أدلى بها اليمنيون خلال الاستجواب أظهرت أن المتورطين الرئيسيين في تجنيدهم وإرسالهم من اليمن إلى مصر ثلاثة كلهم ينتمون لحزب الإصلاح: الأول فتحي العزب، الذي كان مرشح حزب الإصلاح في الانتخابات الرئاسية اليمنية في العام 2006، وكان يشغل وظيفة رئيس الدائرة الإعلامية للحزب.. ولاحظوا هنا، فبسبب هذه الفضيحة لجأ محمد اليدومي رئيس الهيئة العليا للحزب إلى عزل فتحي العزب من رئاسة الدائرة الإعلامية للحزب وعين علي الجرادي مكانه، وهذا الأخير في محنة أيضاً.

الشخص الثاني المتورط في ذلك الفعل الإرهابي هو شيخان الدبعي الذي كان يمثل جماعة الإخوان المسلمين اليمنية في مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان. أما الثالث فأمره مشهور، وهو الشيخ الإصلاحي محمد الحزمي الذي أثبتت بوابة الصباح المصرية أنه كان مسئولاً مباشراً عن نقل مقاتلين يمنيين إلى تركيا ثم سوريا بالتنسيق مع المخابرات التركية. والشيخ محمد الحزمي عضو الكتلة النيابية لحزب الإصلاح في مجلس النواب، وبالطبع ما كان ليقوم بتجنيد الشباب اليمني لمصلحة جبهة النصرة -الفرع السوري لتنظيم القاعدة- من تلقاء نفسه أو بمعزل عن قيادة حزبه.. وقد شرحت صحيفة الشرق السعودية في مارس 2012 علاقة الإصلاح بتجنيد الشباب، وإرسالهم للقتال في صفوف جبهة النصرة الإرهابية في سوريا، وفي ذلك الوقت قدر مسؤول أمني في صنعاء أن 3500 شخص أغلبهم ينتمون إلى حزب الإصلاح يقاتلون في سوريا، حسب ما نقلته عنه صحيفة السياسة الكويتية (31 مايو 2013).