عبدالفتاح الصناعي

عبدالفتاح الصناعي

تابعنى على

الحرب والسياسة طريقان للسلام أو الدمار!

Wednesday 24 July 2019 الساعة 10:40 am

البؤس كل البؤس، والخيبية والفشل للعربي حين يعيش حياته وتجاربه مرتهناً للأوهام والمزايدات التي تعبر عن العجز في مواجهة الحياة واكتشاف قوانينها وأسرارها؛ وذلك بسبب عدم الجرأة والقدرة على التحرر من ثقل العقلية التقليدية والمتخلفة التي تجنح نحو الأوهام وتزهد عن الحقائق.

مهما تكن الحقائق مرة ومؤلمة، والطريق إليها شاقة ومعقدة؛ فهي بالنهاية تصل بنا إلى بر الأمان بسلام.

ومهما كانت الأوهام والمزايدات عذبة ولذيذة، والطريق إليها سهلة وبسيطة؛ فهي بالنهاية توصلنا إلى مسارات أكثر تعقيداً، وإلى خيبات لا تنتهي، وإلى انهيارات لا تتوقف عند حد.

نحن كيمنيين ما مررنا به من تجارب مؤلمة بالحرب والصراعات، وما نتج عن ذلك من ومضات لمبادرات ومصالحات واتفاقات للسلام، سعت جاهدة لإنقاذ الوضع، بكل ما لها وعليها.

وعلى كل حال فإن المشكلة ليست بها بحد ذاتها، وإنما بفهمنا وطريقة تعاملنا معها، سواء كعقل جمعي أو كأطراف سياسية مختلفة.

الحرب ليست إلا طريقاً لصنع السلام، لكن حين تكون الحرب خالية من البُعد الأخلاقي والقيمي؛ فإنها تصبح حرباً عبثية مدمرة، حتى وإن انتصرت لأسباب أخرى.

وكذلك فإن إدارة السياسة والتعامل معها بعيداً عن الجانب الإخلاقي والقيمي؛ يؤدي إلى سياسة فاشلة لا تنتج غير العبث والدوامات، وتؤسس لانهيارات قادمة، حتى اتفاقاتها للصلح والسلام لن يكون في النهاية إلا باباً جديداً لهاوية أخرى!

كل ما انتجت السياسة من الاتفاقات فهي عبارة عن تجارب ومحاولات، وحلول مؤقتة، أو مبادئ أولية تأتي ثمرتها بناءً على تطويرها، وليس جعلها أصناماً للتطرف بمزايا ومبالغات مختلفة من تقديسها بدون وجه حق، أو تصويرها على أنها الشر المطلق، واستخدامها ذريعة لأهداف خاصة، ومبرراً للضعف والعجز، ومفردات للدعاية الإعلامية.

لن يأتي السلام عبر الحرب؛ إلا بعد تطهير الصفوف وتحرير النفوس من المتاجرة بمآسي وجراحات والوطن.

ولن يأتي السلام كذلك عبر السياسة إلا بعد تحرير العقل من الأوهام والمزايدات والعقلية المتخلفة.