د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

لماذا يكره "الإخوان" الرئيس "عفاش"؟!

Saturday 03 August 2019 الساعة 09:54 pm

أكثر من يكرهون الرئيس السابق، ويحقدون عليه، ويشتمون حياته، ويشمتون بمماته.. هم "الإخوان المسلمون"!

لماذا؟!

من يدري؟!

لليساريين. الناصريين والاشتراكيين، أسبابهم الوجيهة لكراهية رجل أطاح بهم، وحجّم أحزابهم، وشرذم شعبيتهم، وزج بعض كوادرهم في المعتقلات والسجون.

لكن "الإخوان" على العكس تماماً. كانوا شركاء صالح وزبانيته طوال عهده، دللهم ودللوه على الدوام، قاسمهم الحكم والنفوذ والفساد، ومكنهم من الدولة والسلطة، ولم يرسلهم إلى السجون والمعتقلات إلا كجلادين.

العقيد "محمد اليدومي" نفسه، رئيس حزبهم، من 1994م حتى الآن:

(كانت مهمته تعذيب اليساريين، وكان هو الوحيد المتخصص بانتزاع المعلومات منهم ونزع أظافرهم!

كان المقدم "محمد خميس" يعذّب بناءً على معلومات لديه، وكان صاحبنا الإسلامي هذا يعذبك من أجل التعذيب، ويعذبك حباً في الله وتقرباً إليه!

كان عقائدياً في تعذيبه.

كان يخرج من غرف التعذيب وجزمته مغسولة بالدم!

كان معذِّباً من طراز فريد.

كان يعذّب بحب وبلذة وبمتعة وبإخلاص..!

كان يمارس التعذيب كأنه يمارس الجنس..!).

هذه شهادة الشاعر والكاتب اليمني الكبير "عبد الكريم الرازحي"، عن تجربته المريرة المباشرة مع اليدومي، ولقائهما في أسوأ زمان ومكان لقاء بين كاتب يساري متحرر، وذراع البطش القذرة لرجل الاستخبارات الشهير "محمد خميس" رئيس "جهاز الأمن الوطني".

المفارقة أن الجلاد لا الضحية، اليدومي لا الرازحي، هو من يلعن الآن ذلك العهد الذي كان فيه كرباجه المبارك يحفر ملاحمه المقدسة، بسادية استثنائية، على أجساد "ملاحدة اليسار".!

يمكن فهم الأمر كنوع بدائي من التكفير عن الخطيئة، باعتبار صالح بمثابة كبش "عزازيل" الذي يحمّله اليهود ذنوبهم وموبقاتهم، ومن ثمّ يتخلصون منها بالتخلص منه.!

لكن التكفير يتضمن نوعاً من الاعتراف الذي لا يتضمنه حديث الإخوان عن عهدٍ كان فيه صالح رئيساً للدولة، وكانوا هم - تحت جنبية الشيح عبد الله، وبيريه الجنرال على محسن، وكرباج اليدومي، ولحية الزنداني.. - رؤساءً للنظام.!

ثمّ إن تلك الشراكة التاريخية الطويلة ليست عاراً على الإخوان بل عار على صالح، فهم أسوأ ذنوبه، وهو أفضل حسناتهم، فتجربتهم معه، رغم كل شيء، أفضل بكل المقاييس من الانحطاط والتوحش الذي انزلقوا وما زالوا ينزلقون فيه من بعده.

في كل حال. لا مبرر منطقي لهذا الكم المهول من مشاعر الحقد والغل والثأر والانتقام... التي يحملونها تجاه رئيس كان محسوباً عليهم، وسيظلون محسوبين عليه!

بعبارة أخرى: لا يمكن لأحد الانسلاخ عن نفسه وتاريخه، وتأفف الإخوان من صالح، وتنكرهم لعهده، هو بمثابة التأفف من أنفسهم، والتنكر لتاريخهم و"عصرهم الذهبي".!