عبدالله الحضرمي

عبدالله الحضرمي

يمن في ظلال أشباح

Wednesday 18 September 2019 الساعة 07:08 pm

‏تبنى الحوثيون عملية البقيق وقالوا إنهم استهدفوا الموقع بعشر طائرات مسيرة، وأعلنت واشنطن أن الأهداف التي ضُربت بلغت 17 هدفاً من أصل 19 هدفاً.

لايمكن أن نتعاطى مع ادعاءات الحوثيين، ما لم نحيد العقل والمنطق وإعطائهما إجازة مفتوحة عن العمل، ليس في قدرتهم بلوغ الأهداف التي ضربت ومحدودية مسيّراتهم البدائية، ولكن في التعاطي مع هذه المزاعم والذهاب إلى أبعد مدى في تغييب المنطق لهضم أن سبعاً من طائراتهم العشر تمكنت من الانفجار مرتين بحيث تصيب كل واحدة منها هدفاً ثم تقلع منه سليمة بحمولتها لتنفجر مرة أخرى في موقع آخر!

‏عشر طائرات بالنسبة للحوثيين هو أقصى رقم يستطيعون ادعاءه ضمن الإحاطة بقدراتهم ومخزونهم منها، ولكي ينطلي الزعم على الذين يتم استغباءهم، أعاد المتحدث باسم الجماعة نجاح العملية إلى تعاون الشرفاء داخل المملكة، بمعنى أن المسيرات أطلقن من داخل المملكة. هذا أمر ينطوي على خساسة سيعود ضيرها على مئات الآلاف من المغتربين الذين وضعوا -بلا شك- تحت مجهر الشك وما يتبع ذلك من إجراءات، معلومات تقول بصدور أوامر بوضع الجالية اليمنية تحت المجهر كجواسيس. أضرار الحوثي باليمنيين تتجاوز الحدود إلى ما بعدها وما بعد بعدها، ولكن دعونا نذهب معهم إلى النهاية.

‏بعيداً عن منطق (هو الله) الذي يسدد رميتهم دائماً، لا يمكن للعلم أن يعترف بأن 7 قذائف تصيب 17 هدفاً بين كل هدف وآخر مسافات متباعدة، يقودنا هذا إلى أن الحوثيين تحملوا القضية بدلاً عن المتهم الرئيسي فداءً للقاتل وبدافع الولاء المطلق له، ثم استثمار العملية في مضمار التكسب الجماهيري والسحت وطلب المعونة والمجهود الحربي من المواطنين مقابل الانتصار لأوجاعهم من الحصار والغارات الخاطئة والشحن العاطفي خلال خمس سنوات، إنهم يضحون باليمن وشعبه الثلاثين مليوناً من أجل تحصين مركز عمالتهم (إيران) من ردة الفعل الدولية، أو لكن وبالصرف الكامل للنظر عن مغبة ما قد يترتب على استهداف الاقتصاد العالمي من فعل قد يحرق ما بقي في اليمن المحترق أصلاً من حياة، يصعب على المرء اعتبار أن اليمن سينجو في ظل الحياة تحت سيطرة الأشباح.

‏إننا بإزاء مليشيات أطلقتها مدفعية من جهنم لا تفكر ولا تعقل ولا تكترث لمن حولها، إنها لعنة اليمن الكبرى في هذا الزمن الصعب، على أن ادعاءها بقصف أرامكو لا ينقصه سوى القدرة على التنفيذ وإلا فإن استعدادها للتضحية باليمن لإنقاذ الاقتصاد الإيراني المحاصر لا يطاله الشك من أي جانب، لا تنقصها سوى القدرة، إنها على استعداد لحرق العالم وليس السعودية وأرامكو فقط واليمن. اليمن مجرد محطة محطة عبور للسيطرة على الخليج وفقاً لما تواعدها به إيران وهلوسات كتبة الثأر الجغرافي.. الحوثيون الذين قتلوا كل شيء جميل في اليمن لن يترددوا في إذابة اليمن مثل كيس بلاستيكي بالمرة. يحلم عبدالملك الحوثي في أن يكون سيد الجزيرة العربية متنادياً ومتداعياً مع صوت إيراني خامره بهذا الحلم الجميل وعليه أن يدفع ثمن تلك الدغدغة وهو ثمن فادح يبلغ ثلاثين مليون يمني، وبلد يتمزق إلى دويلات، وشعب يموت حصاراً وتجويعاً، وحياة تذوي كمزهريات تعبث بها أيادٍ ملوثة.