أمين الوائلي

أمين الوائلي

تابعنى على

شراكة الزيت والنار: هؤلاء ليسوا "مضاد الحوثية"

Sunday 29 September 2019 الساعة 12:28 am

 

لا يبدي الحوثيون أي عاطفة نحو "شعب 26 سبتمبر" العظيم، باستثناء الكراهية بالطبع. كل ما حدث ويحدث بالتراكم الكمي واليومي، عاما فعام، تفصيل مطول يسترسل في الشرح والإثبات.

إنهم الكراهية ذاتها بالتقابل مع الشعب اليمني الغفير والكثير والمغدور كثيرا. 

الشعب الذي تسبح في شرايينه مع كريات الدم ذُريرات لحنية لمغناة شعبية بسيطة وشاهقة مثل "جمهورية ومن قرح يقرح". 

والشعب الذي يعتبر غزال المقدشية على درجة واحدة من الثورة مع الذين صاغوا أهداف سبتمبر العظيم الستة، عندما أوصت "سوا سوا يا عباد الله متساوية".

الكراهية ليست بالضرورة تصريحا قوليا. الفعل/الأفعال أقوى في التصريح والتوضيح. 

وهي، في حالة الحوثيين، تعدت مستويات القول والفعل. أكثر من ذلك، إنها حرب. حرب بلا هوادة.

العلاقة التي (أسسها، و) يكرسها الحوثيون مع اليمنيين، تتلخص إجمالا في الكراهية. 

يعود كل جرم وظلم وسوء مورس ويمارس ضد يمني إلى جذر أول اسمه الكراهية تتغذى عليه كائنات الدم والهدم.

والكراهية، تركيبا وتفكيكا، مردها الادعاءات السحيقة بناءً على دعوى أفضلية غامضة وخرافية وأسبقية انتقاء واصطفاء غيبي قبلي وعبثي بحيث تقرر هكذا وسلفا بأن الحوثيين، مثلا (وحاشا الغيب أن يفعل)، وكلاء الغيب على الشهادة ونواب الحق على الخلق.

ادعاءات الأفضلية مرض عضال من نتائجه التصادم والاستعلاء والاستعداء، وفي النتيجة الكراهية. 

اليمنيون على تصادم وتضاد أزليين مع أدعياء السيادة والعلو والرفعة والأفضلية القبلية الغيبية.

هكذا هو الحال، بما أن الإيمان يمان. وإلا لكفرنا، ما لم نكفر بالحوثيين وبدعاوى الانتقاء والاصطفاء وتمايز النطف والأرواح والنفخة الإلهية الواحدة.

العنف والقهر والبطش والنهب والقتل والاستباحة والسطو والاستقواء والهدم وتهشيم الجميع، كذات وكجماعات وكمجتمع، مردها جميعا طفرة كراهية سوداء تمظهرت في أكمل حالاتها وتحولاتها من خلال الجائحة الحوثية. 

وهي جائحة فوضوية هدامة وقاسية وغاية في السوء والسوداوية. لكنها غير مفاجئة ولا وليدة ساعتها، بقدر ما هي مصنوعة ومرعية بعناية، غذتها ونمتها لعنات كثيرة وأطلقتها بكل ما هي عليه من سوء وكراهية سوداء في وجه الجميع. 

لكأن جميع ميراث وحاصل موجود اليمنيين وما فيهم من كراهية وسوء تجمع مرة واحدة إلى الخارج فكان الحوثة.

التخلص من العقاب واللعنة سيحتاج إلى قانون مضاد يكافح السوء في الجميع ويجابه الأسوأ متجسدا في المقابل الحوثي.

لن ينهزم الحوثة لأسوأ منهم. ولن ينهزموا لمن يتساوى معهم في السوء. ولن يهزمهم مثلهم أو أسوأ منهم أو حتى أقل قليلا منهم في السوء. فقليله كثير.

سيهزمهم تعافي المجموع من السوء الذي أنتج كل هؤلاء السيئين. 

لا يعول؛ لاستخلاص المجتمع والشعب واليمن من لعنة الكراهية الحوثية التي تطوق العظام والأعناق، وللخلاص، على مشروع سياسي أو عسكري أو حزبي لا يتفوق على الحوثيين أخلاقيا وإنسانيا وسلوكيا.

لا يعول حتى على مشروع ديني متسيس أو سياسي متدين (وهؤلاء بالأحرى والأولى أسوأ الجميع) من هذه أو تلك التي نجحت وتنجح تماما في إنتاج حالات تتفاوت بين سيئ وأسوأ، والحوثية هي واحدة من هذه المنتجات والتجليات.

المجتمع الحي المتعافي، الحامل الطبيعي والموضوعي لكل مضادات الحوثية. هو الضمانة الحقيقية لاستعادة اليمن، مجتمعا وجماعة وثورة وجمهورية ودولة ونظاما و تعايشا. 

المضادات الحيوية والحية، لحياة مجتمع وجماعة، ولمجتمع حي يتآزر بفضائله لاستئصال الشرور وتحييد الخطر والإفلات من قبضة ولعنة الكراهية الأسوأ التي تسوم الناس سوء العذاب.

جميع السيئين الآخرين، بدرجة أو بأخرى، إلى جوار الحوثية، سواء في صفها أو خلافها، ليسوا أهلا لاستعادة البلاد، لأنهم ليسوا أفضل حالا ولا أقل سوءً من الحوثيةـ تجاه المجتمع والجميع أعني.

مخزون كبير من الكراهية يتوزع قسمة بين الأفرقاء... الشركاء ... الأضداد... بل الأوغاد.

بالتوافق الفعلي فيما بينها، أو اتفاقا ضمنيا، (وعندي أنهما معا)، فإن كافة الفئات والمكونات التي تتشارك قسمة وإدارة الضياع والحرب والأزمة والكراهية، على جانبي (تضاد موهم) و (شراكة مفهمة)، لن تصل بنا إلى نتيجة ولن تقطع بنا واديا. 

إنهم لا يريدون ذلك. لا يعنيهم التخلص من الحوثية كلعنة وجائحة. إنهم يستثمرون الحوثية ويستمرون في ذلك. 

بدرجة أو بأخرى يستمدون الآن، ومن وقت مبكر قبل الآن، شروط استمراريتهم وتمتعهم بالامتيازات الوجودية - كمقابل مادي وسياسي للحوثية- من استمرارية الحوثية ذاتها. كالعلاقة بين النار والزيت: شراكة لا تضاد.

والخلاصة: الزيت لن يطفئ النار مهما تطاول الأمد.