د. فاروق ثابت

د. فاروق ثابت

الثنائي "الأشول"! 

Sunday 27 October 2019 الساعة 08:33 am

الشقيقان اليمنيان البروفيسوران شاكر وهلال الأشول، جذوة معارف وعلوم وتغيير في أمريكا واليمن والعالم العربي بما استطاعا إليه سبيلاً. 

لينم الحاج أحمد الأشول اليوم بسلام، ونجلاه يقدمان دروساً باذخة لنا في الوطنية والعلوم والأخلاق.

كلما أرى موقفاً لأي منهما أو أقرأ كتابات أو أرى اسم أي منهما في الصحف أو المجلات العلمية أو صفحات التواصل أشعر بالفخر أنني أعيش في عصر يتواجد فيه هؤلاء محاولاً بقدر ما أستطيع تناسي أننا نعايش زمن الكهنوت.

فكل موقف يبدر منهما هو درس وطني ومعرفي وأخلاقي في كل الأحوال. 

صحيح أن هلال الأشول متفرغ للعلوم الطبية أكثر من متابعته لقضايا المجتمع على عكس شقيقة شاكر.. لكنهما أسهما في تغيير حياة اليمنيين في أمريكا بالتوعية بأهمية العلم والتعليم، وعُرف عن شاكر نضاله في هذا المجال، وما يزال، وهما الشقيقان اللذان أسسا الجمعية الأمريكية للعلماء والمهنيين اليمنيين بالولايات المتحدة مع الدكتور ناصر الزاوية وآخرين لتصبح نواة لواحدة من أكثر الجمعيات اليمنية الأمريكية أثراً وتأثيراً إلى اليوم. 

تخرج الثنائي من الجامعات الأمريكية ووصل هلال الأشول إلى العمل في جامعة هارفارد العملاقة، أقوى جامعات العالم، وخدم فيها بتميز لعدة سنوات في مجال البحث الطبي وأوجد في هذه الجامعة العريقة اسماً وبصمة لليمن للإسهام في صنع التغيير الطبي في العالم، ثم انتقل للعمل في المعهد الفيدرالي السويسري لتقنية علوم الأعصاب مواصلاً مشواره البحثي في مجال أمراض الزهايمر والباركنسون والمرتبطة بالشيخوخة، سعى هلال خلال تلك الفترة لدعم فكرة الاستفادة من العلماء العرب في الخارج بداخل أوطانهم من خلال التنظيم لمؤتمرين دوليين، وتم اختياره لإدارة أكبر مركز بحوث في إحدى الدول العربية، وعاد بعدها إلى سويسرا وإلى عمله كمدير لمركزه وفريقه البحثي المكون من أكثر من 20 شخصاً من مختلف الجنسيات. 

فيما اتجه أخوه شاكر الأشول إلى مجال التربية والتعليم والتحق بالعمل في إدارة التعليم بمدينة نيويورك كمدرس للعلوم، ثم تدرج بعد ذلك في مناصب إدارية خلال 15 عاماً حتى أصبح موجهاً إدارياً وتعليمياً في واحدة من الإدارات التعليمية. واصل تعليمه وحصل على الدكتوراه في مجال تقنيات التعليم وعاد إلى الوطن العربي ليعمل في مؤسسة لدعم البحث العلمي. عبر شاكر الأشول عن تجربته في التعليم وعكس رغبته في نقل تلك التجربة عن طريق نشر العدد من المقالات، والعمل على إصدار عدد من الكتب حول تجويد التعليم تحت المراجعة والطبع.  

تعرفت على البروفيسور هلال في مؤتمر الطاقة الذرية الدولي بصنعاء قبل أكثر من 12 عاماً تقريباً.

كان عدد من الأكاديميين اليمنيين المشاركين ومنظمي المؤتمر يفخرون بوجود مشارك هو عالم أميركي متميز من أصل يمني خدم العالم في مجال بحوثه واكتشافاته.. كنت شديد الحرص على لقائه حتى استطعت أخيرا الحصول منه على موعد لإجراء لقاء صحفي معه.. 

كان هلال أصغر من في المؤتمر عمرا لكنه كان أطولهم علما وعلوما، وأكثرهم تواضعاً إلى درجة حرصه على أن لا أكتب له جملة واحدة تشيد به بقدر ما يكون اللقاء عاديا.. 

نشر اللقاء وكان كل من يقرأ اللقاء مع البروفيسور هلال يصاب بالذهول، بروفيسور في ال35 من عمره، ونشر أكثر من 70 ورقة عمل وبحثا خلال فترة الدكتوراه... وكيف ليمني أن يظفر بالعمل حتى في جامعة هارفارد؟! 

أتذكر كاللحظة وهو يقول لي: "العالِم هو من يسعى لتغيير حياة البشرية من حوله بإنتاج علمي يفيدهم.. وليس الذي يسعى بعلمه للحصول على وظيفة" ومن هنا عرفت السر وراء نبوغه.

عرفت بعد ذلك أن هلال تواصل بجامعة صنعاء بمعية زميله ناصر زاوية والاخير عالم يمني اخر وبروفيسور في مجال الطب من الطراز الأول ورئيس لجمعية العلماء والمهنيين اليمنيين في ذلك الوقت وقدما باسم الجمعية اجهزة ومعدات طبية حديثة لكلية الطب لاعانة الباحثين على البحث بصورة ادق في مجال الطب لم يقتصر الامر على ذلك ولكن تجاوزه إلى تقديم كتب علمية لمكتبة جامعة صنعاء وبحوث غنية.

ان لم تخن الذاكرة تم التواصل مع جامعات اخرى وتقديم دعم بالكتب والمعدات ايضا.

بل وكنت أنا شخصيا منسقا للجمعية مع معهد اللغات العسكري الذي قدمت له الجمعية وفي حفل مهيب المئات من كتب تعليم اللغة مصحوبا بالصوتيات قدمت للمعهد مناولة البروفيسور ناصر زاوية، وكان رئيس المعهد حينها العميد ركن طيار الشيباني.

أخوه الاكبر شاكر ظهر عمله من خلال العشرات من المقالات في الصحف والمواقع اليمنية والعربية للتوعية حول أهمية التعليم بالنسبة لليمنيين في أمريكا وعن تجويد التعليم في الوطن العربي، وستجد له الكثير من الطرح حول هذا الموضوع وغيره وبأسلوب علمي فضلا عن جهوده في الجمعية وبين اوساط الجالية اليمنية في اميريكا وهي الجهود التي لم تتوقف لديه حتى اليوم والتي تزداد نشاطا مع مرور الوقت، وقد اسهمت الجمعية التي لم يعد الثنائي الاشول غير مستشارين فيها من خلال آخرين محبي

ن لليمن واليمنيين هناك للدفع بالجالية اليمنية إلى العلم وتحفيز الآباء، والأبناء للالتحاق بالتعليم وخاصة تعليم الفتاة، وسجلت الجالية زيادة ملحوظة من الملتحقين بالدراسات الجامعية والدراسات العليا طلابا وطالبات افضل من ذي قبل.

لا توجد مجموعة علمية لطلبة الدراسات العليا اليمنيين أو العرب على منصات التواصل الاجتماعي إلا والثنائي الاشول في صدارتها سيقدمان لك المشورة ان كان الطلب ضمن تخصصهما، وان لم يكن كذلك سيعطيانك روابط لاكاديميين متخصصين في نفس مجالك، وهو الامر الذي يثبت انهما إلى جانب وطنيتهما وحب خدمتهما لليمن واليمنيين جسور تواصل علمية ومعرفية بين علماء اليمن في الداخل والخارج.

في ظل الظروف الراهنة المهمة جسيمة وصعبة أمام الثنائي الأشول -وغيرهما ممن يخدمون الآخرين ويحاولون التأثير في محيطهم لخدمة اليمن واليمنيين- فهما وفي هذا الظرف ما يزالان من بين الشخصيات الأكثر اتقاداً وبحس وطني ملهم لخدمة اليمن واليمنيين والعالم من حولهم.