فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

مثالة.. ومثال

Thursday 09 December 2021 الساعة 08:42 pm

خلال العام 2017، فُجرت ودُمرت في المخا أضرحة وقبور وقباب ترتبط بأسماء رجال دين قدامى مرموقين، كان لهم دور في تاريخ اليمن الثقافي، وخدموا مجتمعاتهم فاحترمهم أهلوها، وما يزالون محل احترام أهل مدينة المخا حتى بعد عمليات النسف لتلك المعالم التاريخية التي تعد جزءاً من موروث ثقافي يعود تاريخه إلى ما قبل سبعمائة عام أو يزيد.

ينبغي أن يدرك المفجِّرون أن السكان لا يذكرون أسماء من نسفوا قبور وقباب وأضرحة عمر بن علي الشاذلي، أبي إبراهيم السجاد، حاتم الأهدل، آل السقاف والقديمي، إلا واقترن ذكرهم باللعن.

قبل أيام قليلة فشت أخبار عن تفجير أضرحة وقبور وقباب آثارية في مدينة حيس، وقد صحت تلك الأخبار.. كما صح من قبل تفجير مسجد وضريح أحمد الفاز في بلدة الفازة  في منتصف العام 2018.

قد قيل إن المعتدين على هذه المعالم التاريخية كانوا يبحثون عن كنوز، وهو تفسير غير صحيح بدليل أن السكان في حيس لم يفعلوا ذلك من قبل، وهم اليوم غاضبون، فضلاً عن أن عمليات التفجير المدوية التي نسفت كل معلم وجعلته قاعاً صفصفاً، لا تدل على أن المعتدين كانوا يبحثون عن كنوز.

يذكرنا هذا بحوادث مماثلة شاهدتها كل مدن وبلدات وقرى اليمن منذ العام 2015، كان أبطالها ينتمون لتنظيمات إرهابية مثل القاعدة وأنصار الشريعة وتنظيم دولة الخلافة الإسلامية.. فينبغي على القوات المشتركة في الساحل الغربي أن لا تسمح لأي متزمت القيام بتشويه سمعتها، كما أنه من غير المقبول أن تحرر مدينة مثل حيس من ميليشيا العصابة الحوثية الإرهابية، ثم تترك لأي إرهابي فرصة لإرضاء نزواتهم المريضة.

***

قال الإمام ابن القيم في كتابه أحكام أهل الذمة: صح عن النبي أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده ‏وحانت صلاتهم فصلوا فيه.. وأنه يؤخذ من هذا جواز دخول أهل الكتاب مساجد المسلمين.

وذكر الخطيب البغدادي، أنه يوم وفاة الإمام أحمد بن حنبل وقع المأتم والنوح في أربعة أصناف من الناس: المسلمون، اليهود، النصارى، والمجوس!

وقريب من هذا قول ابن عساكر، قال إنه لما مات الإمام الأوزاعي شيعته أربع أمم هي: المسلمون، اليهود، النصارى، والقبط.

ونقل ابن عساكر عن عامر بن شراحيل الهمداني، المعروف بالإمام الشعبي أنه لما ماتت النصرانية سبحاء الحبشية، أُم الحارث بن أبي ربيعة المخزومي (أب الشاعر عمر بن أبي ربيعة) سار أصحاب النبي محمد في جنازتها.. والشعبي هذا من بلدة أرحب اليمنية، وكان من معاصري صحابة النبي محمد.