خالد سلمان

خالد سلمان

تابعنى على

الجنوب ومآلات الحرب في اليمن

Friday 31 December 2021 الساعة 03:58 pm

تلعب إيران بمهارة بورقة الصراع في اليمن لصالحها، وتمضي في مفاوضتها في فيينا، نحو تحييد هذا الملف خارج التفاوض، والعودة إلى اتفاق 2015 الذي تم إجهاضه بخروج إدارة ترامب السابقة من دائرة الالتزام ببنوده. 

إيران ترفض الخوض في ملحقات إضافية للالتفاق، منها البحث في قضية الصواريخ الباليستية، والصراعات الإقليمية، والتمدد الحوثي في أكثر من عاصمة عربية، وتبدي طهران استعدادها للتعاطي مع اتفاق عام 15 فقط، كما هو بلا إضافات أو ملحقات سرية أو علنية. 

الحرب في اليمن استثمار إيراني منخفض الكلفة، بنتائج استراتيجية كبرى، وهو ملف غير مطروح على طاولة فيينا، ومجال مفاعيله إقليمي بامتياز، يُراد منه استنزاف السعودية في الأمن والاقتصاد، إلى أن تقر الأخيرة بمصالح إيران في المنطقة، باتفاق تفاوضي أو بحالة أمر واقع. 

إيران تخوض مع الرياض معركة النفس الطويل، تفاوضها عبر وساطات عراقية عُمانية، وتحاربها في اليمن عبر أدواتها في آن معاً، ما أصاب الموقف السعودي حيالها بالتعب والارتباك، بين من يرحب بجولات الحوار معها كما فعل ولي العهد، ومن يحذر من مخاطرها على أمن وسلام المنطقة، كما صرح يوم أمس الملك سلمان.

وفي الأخير فإن طهران ستملي شروطها على صناع السياسة في المملكة، ليس في غرف مفاوضات فيينا، بل في ميدان قتال السعودية في اليمن. 

مأرب هي معركة كسر إرادات، وترويض مواقف، وإعادة توصيف مفهوم الكسب والخسارة، بين طرفي الحرب الإقليميين السعودية وإيران، وهي ليست نهاية حرب ولكنها بداية اعتراف، أن هناك طرفا يخسر على امتداد خارطة الشمال وأن رئيساً يتهاوى، وشرعية يمكن أن يُسحب البساط من تحت أقدامها لصالح لاعب جديد، يمكن الإقرار به كسلطة أمر واقع، مع الانفتاح على تسوية تضمن أمن وحدود السعودية، وتخفض مخاطر الوجود الإيراني في أدنى مستويات من الضرر المنضبط. 

حسم خارطة الشمال لصالح الحوثي، والتوافق السعودي الإيراني على ترتيبات أمنية، يضع الجنوب أمام عاصفة الاحتمالات، أن يخوض معركته منفرداً أو يلتحق بتسوية منقوصة، يحدد سقفها المنتصر، وهو قطعاً من واقع راهن المواجهة، ليست السعودية وسلطة هادي، بل الطرف المقابل في رقعة المواجهة، الحوثي وإيران. 

الجنوب بحسم مناطق الثروات لصالحه، يمكن فقط أن يراكم أوراق القوة، ويفرض حضوره كشريك حرب وتسوية، وما دون ذلك فإن مساحة حركته، لن تتخطى القبول بحل مشبوه وخارج سقف مشروعه السياسي، أي حكم ذاتي هو أقرب لكانتون جنوبي منزوع الصلاحيات.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك