د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

عندما يكون "المدرس" جنرالاً.. و"الشيخ" قائداً للحرب!

Sunday 30 January 2022 الساعة 04:30 pm

وظيفة "محافظ المحافظة" هي وظيفة مدنية، لا عسكرية. إدارية، لا قتالية، وحتى عندما يعين جنرال في هذه الوظيفة، في حالة حرب، يفترض أن يسلم قيادة المعارك لشخصية عسكرية، ويتفرغ هو للمهام المدنية واللوجستية.

أما أن يكون هو بنفسه -خاصةً إذا كان شيخاً، أو لم يكن أصلا من أبناء القوات المسلحة- القائد العسكري، على حساب القيادات العسكرية المحترفة، فهذه بدعة جديدة من نوعها، ظهرت فقط في اليمن، خلال سنوات المقاومة.!

وبالتحديد "جماعة الإخوان" هي التي ابتدعت هذه البدعة الوظيفية السيئة، ونفذتها في أكثر من محافظة، وكانت النتائج كارثية في كل مرة، وبشكل إحصائي:

• في الجوف، تم تعيين شيخ قبلي، محافظا للمحافظة، وقائدا عسكريا، بعد تنحية قائد عسكري مؤهل كان يحقق انتصارات ميدانية واضحة، ثم سرعان ما بدأت مديريات الجوف بالتساقط في يد الحوثي، إلى أن سقطت المحافظة كاملة.

• في مأرب، الشيخ العرادة شخصية قبلية قد تكون مقبولة، لكن المسألة ليست شخصية بل مهنية، وربما كان سينجح لو التزم بحدود وظيفة المحافظ، وسلم قيادة الحرب لأهلها، لكنه تصدى لقيادة المعارك فسقطت مديريات مأرب تباعا، ولم يعد في يده غير مديرية واحدة.

تصل المشكلة في مأرب حد المقاتلين العاديين، ورغم الإعجاب بشراسة واستبسال أبناء مأرب، وصمود قبائل مأرب، وهو أصلا تضحية وخسارة متواصلة، إلا أن العملية من تخصص الجيش النظامي المدرب المحترف، الذي يصل تعداده في أبسط التقديرات المتواضعة الى خمسمائة الف مقاتل.!

• في شبوة، تم تعيين "بن عديو" ليكون قائدا لكل شيء، بما فيه الجانب العسكري. وقد أزعجت الجماعة العالم بمحاسن هذا الرجل الملهم، وغزواته العنترية، وفتوحاته العسكرية الخارقة.. في الوقت الذي كان فيه الجميع يشاهد مديريات هذه المحافظة وهي تتساقط في يد الحوثي بتسارع مخيف.!

بالكاد استطاعت حكومة الشرعية عزل هذا المحافظ، الذي لم يحافظ على شيء، لتدارك ما يمكن تداركه من هذه المحافظة، بتسليم الشئون العسكرية لقوات العمالقة، والقوات المشتركة، ورغم الانتصارات المتسارعة لهذه القوات المحترفة، يلزمها الكثير من الوقت والتضحيات لاستعادة ما سلمه محافظو الإخوان للحوثي.

• في تعز. الوضع مختلف، الجماعة مسيطرة على كل شيء، لكن لأن المحافظ ليس منها، ابتدعت، في مقابل بدعة "المحافظ الجنرال"، و"الشيخ الجنرال"، بدعة "المدرس الجنرال" و"البلطجي الجنرال"، و"اللص الجنرال"، "والمحكوم بالإعدام الجنرال"..

تبعات هذه السياسة العسكرية الإخوانية في تعز، ماثلة بشكل مأساوي على كل جانب، ولا تخطئها العين، في ظل إغلاق الجبهات مع الحوثي بطرابيل بلاستيكية، وتسليم الوظائف المدنية والعسكرية لسالم وغزوان وحردون وبقية المدرسين والبلاطجة واللصوص والمفصعين.!