د. ياسين سعيد نعمان

د. ياسين سعيد نعمان

تابعنى على

هل هناك من حل لأزمة اليمن؟

Wednesday 09 February 2022 الساعة 05:31 pm

تبنى السفراء العرب في المملكة المتحدة - بريطانيا في اجتماعهم الدوري المنعقد يوم الثلاثاء 8 فبراير 2022 قرار مجلس الجامعة العربية المتخذ بتاريخ 23 يناير 2022 والقاضي بالدعوة إلى اعتبار المليشيات الحوثية جماعة إرهابية. 

وفي الاجتماع قدمنا شرحاً للأًوضاع المستجدة في اليمن، نلخص أبرز ما جاء فيه في النقاط التالية:

1/ يسرنا أن نضعكم في صورة تطورات الوضع في اليمن مند آخر تقرير قدم إلى مجلسكم الموقر، ونشكركم على تفاعلكم الدائم. 

2/ إن الوضع المأساوي في اليمن قد بلغ مداه بسبب إصرار جماعة الحوثي الإرهابية على مواصلة الحرب، وتوسيع دائرتها الإقليمية في عمل لا يترك مجالا للشك بأن ما حدث في اليمن لم يكن مجرد انقلاب بمعناه التقليدي، ولكنه مخطط لمشروع توسعي يستهدف المنطقة واستقرارها.

3/تقف وراء هذا المشروع وتموله وتدعمه قوة إقليمية متمثلة في النظام الإيراني، وهو مشروع مترابط الحلقات والمليشيات، ويعمل بنسق موحد.

4/ اهدافه هي: 

ا-توظيف الأيديولوجية الطائفية في شق الدولة الوطنية في المنطقة.

ب-خدمة نفوذ إيران وتوسيع دائرة هذا النفود بإضعاف مكونات الدولة الوطنية العربية، والسيطرة على أهم ممرات الملاحة البحرية.

ج-استخدام هذا النفوذ في حل مشاكل إيران مع العالم. 

بسبب ذلك ظل الحوثيون يرفضون كل جهود السلام اليمنية والعربية والدولية.

5/ كانت مفاوضات الكويت التي رعتها دولة الكويت الشقيقة وأميرها الراحل -رحمه الله- التي استمرت لمدة أشهر أهم هذه الجمود، حيث تم التوصل إلى صيغة تفاهم لوقف الحرب والذهاب إلى الحل السياسي القائم على المرجعيات الثلاث المتفق عليها بما فيها مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي شارك فيه الجميع بمن في ذلك الحوثيون.

 لكن الحوثي رفض التوقيع على اتفاق التفاهم بعد أن وقع عليه وفد الحكومة.

6- ثم جاء اتفاق استوكهولم عام 2018 بعد أن كانت قوات الحكومة الشرعية على وشك أن تستعيد الحديدة وموانئها من أيدي المليشيات الحوثية، لكن المجتمع الدولي تدخل بقوة ومنع القوات الحكومية والتحالف من التقدم نحو الحديدة تحت مبرر أن تعرض الميناء للدمار سيؤدي إلى كارثة انسانية.

وتقدم المجتمع الدولي على إثر ذلك بمشروع اتفاق تنسحب بموجبه المليشيات الحوثية من الحديدة والموانئ الثلاثة على أن تسلم للقوة الأمنية والإدارية التي كانت تديرها قبل الانقلاب، وتحفظ موارد الميناء في البنك المركزي وتستخدم لتلبية رواتب الموظفين.

وشكلت لجنة أممية لمراقبة تنفيذ الاتفاق.

7- لم ينفذ الحوثيون أي بند من بنود الاتفاق، بل إنهم استفادوا منه لمواصلة الحرب؛ حيث:

ا- تحولت الحديدة إلى مركز تعبئة وتهريب للأسلحة وأنشطة القرصنة واستخدام الزوارق الحربية في مهاجمة السفن، وتهديد الملاحة البحرية، واحتجاز السفن كما حدث مع الباخرة الإماراتية "روابي" في مطلع شهر يناير 2022.

ب- عطلت المليشيات الحوثية عمل اللجنة ولم نسمع أي موقف من الأمم المتحدة بشأن ذلك.

8- بعد أن ضمن الحوثي هدوء هذه الجبهة، باعتبارها تحت الرقابة الدولية، أعاد تعبئة قوته ونقل المعركة إلى منابع النفط نحو مأرب وعلى الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية في استعراض لا يصعب فهم دوافعه ومن يقف وراءها.

9- في هذه الفترة ظهرت بوادر استخدام سلاح لم تكن تمتلكه اليمن وهي المسيرات والصواريخ البالستية بعيدة المدى.

 ولا يمكن لأحد أن يصدق أن هذه المليشيات قادرة على امتلاك وتسيير مثل هذا السلاح ما لم يكن وراء قوة وخبرات أجنبية تقوم بهذا العمل نيابة عنها.

10- تحولت صنعاء إلى مركز لهؤلاء الخبراء القادمين من إيران وبعض الدول العربية لإقامة ورش تجميع الصواريخ والمسيرات على نطاق واسع، وأخذت تمطر بها المدن اليمنية والمطارات المدنية، والمطارات والأهداف المدنية في المملكة العربية السعودية.

11- كانت بصمات إيران وخبرات حزب الله اللبناني واضحة للعيان في هذا التحول في مسار الحرب، والذي أخذ يتصاعد ليفرض الحل الطائفي وتحويل اليمن إلى منصة إيرانية لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.

12- ترافق هذا التحول في مسار الحرب مع الهجوم على مأرب والإصرار على احتلالها، وبلغت ذروة المأساة في مأرب التي أصبحت تأوي أكثر من ثلاثة ملايين يمني هاربين من الحرب لتحاصرهم مليشيات الحوثي في هذه المدينة، وقصفت مخيماتهم بالصواريخ لتحدث ابشع المآسي الانسانية.

13- واصلت المليشيات الحوثية هجومها على مأرب وشبوة خلال الفترة 2019 / 2021، وقصفت مدينة مأرب بالصواريخ الباليستية والمسيرات، كما قصفت مطار عدن مستهدفة الحكومة بأكملها، ومصفاة ارامكو ومطار أبها، وارسلت الصواريخ باتجاه مكة وجدة، وتم الزج بالأطفال في محارق الحرب في موجات من الحشد.

14- تعرض اليمن خلال هذه الفترة لأسوأ أنواع الكوارث الإنسانية، ورفض الحوثي الاستجابة لكل الجهود والنداءات الانسانية لوقف الحرب.

15- تقدمت المملكة العربية السعودية بمبادرة كانت الأكثر واقعية وشمولية لوقف الحرب وفتح مطار صنعاء وتلبية متطلبات العودة إلى مسار السلام، لكن هذه المبادرة قوبلت بالتعنت من قبل المليشيات الحوثية، ورفضتها إيران على لسان مسئولين فيها.

وكذلك رفضها حسن نصر الله من خلال الحديث عن أولوية رفع الحصار وغيرها من الشروط التي يفهم منها أن وقف الحرب عندهم تتطلب أولا الاعتراف بالانقلاب وتبرئته من إشعال الحرب.

16- بسبب رفض الحوثي الاستجابة للحل السلمي وتكثيف استخدام الصواريخ البالستية والمسيرات في قصف المدن والاعيان المدنية داخل اليمن وخارجه اعلنت أمريكا ضم الحوثي كجماعة إلى قائمة الإرهاب.

وعندما جاء الديمقراطيون إلى السلطة اعلن الرئيس بايدن سحبهم من القائمة كعربون تفاهم مع إيران حول مشروعها النووي، ورهن الحل السلمي في اليمن بنجاح امريكا في اقناع ايران بالتخلي عن مشروعها النووي وهو الأمر الذي استخدمته ايران كورقة ضغط إضافية.

ربما أعطى هذا الربط مشروعية لاستمرار الحرب واعتبارها عنصراً ملحقاً بالتفاهم مع ايران.

17- عندما رفض الحوثي كل جهود السلام، بما في ذلك المبادرة السعودية ودعوات مجلس الأمن وجهود المبعوث الأممي الجديد الذي ترفض جماعة الحوثي اللقاء به حتى اليوم، كان لا بد من اتخاذ قرار بمواصلة الخيار العسكري فطرد من شبوة، وتم دحره في مأرب وفي حرض شمال الحديدة الأمر الذي دفعه إلى افتعال مشكلة ضرب الامارات بالصواريخ والمسيرات وكان ذلك بتعاون واضح مع حلفائه من المليشيات التي تدور في فلك المشروع الايراني، حيث أعلنت ما تسمى "ألوية الوعد الحق" العراقية مشاركتها في الهجوم على أراضي الإمارات بعدد من المسيرات.

18- جاء العدوان على الامارات كتواصل للعمل الإرهابي وكرد فعل للتحول في ميدان المعركة على الأرض وذلك لرفع معنويات انصاره والمليشيات التي تدور في فلك ايران بما صاحبه من ضجيج إعلامي لوكلاء إيران في المنطقة.

 19- لا تمتلك مليشيات الحوثي القدرة على بلوغ أهداف بهذا المدى الجغرافي إلا بالتعاون ودعم لوجستي لقوى ومليشيات اجنبية.

 وهذا يعني أن من يدير الحرب العدوانية على اليمن قد قرر أن يجعلها منصة للعدوان على دول المنطقة.

20- يبقى السؤال، هل هناك من حل لأزمة اليمن؟

نعم هناك حل وطريق مختصر لإحلال السلام، يقوم على:

1 / انهاء الحرب واعلان حق الجميع في العيش في سلام وحقوق متساوية.

2/ قيام دولة مواطنة بالقواعد والأسس التي أقرها مؤتمر الحوار الوطني والمرجعيات الاخرى للحل السياسي.

3/ بقاء اليمن في محيطه العربي شرط ضروري في أي اتفاق قادم. 

4/ الدولة هي المالك الوحيد للسلاح.

5/ إدارة الخلافات بأدوات سياسية من بينها حق الناس في تقرير خياراتهم السياسية.

وحتى يتحقق ذلك لا بد من تضافر الجهود للتصدي لهذا المشروع التفكيكي الذي تقوده إيران وينفذه وكلاؤها.

وسيكون تصنيف الحوثي جماعة إرهابية إحدى وسائل المواجهة التي أقرتها جامعة الدول العربية.

* سفير اليمن لدى المملكة المتحدة 

• من صفحة الكاتب على الفيسبوك