د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

فئران "فبراير".. تحتفل!

Monday 14 February 2022 الساعة 02:39 pm

بشأن الفئران الأسطورية الحمراء القديمة.. التي نخرت "سد مأرب".. لا أحد يدري بالضبط ما الذي باتت تقوله وتفعله بعد أن تسببت بكارثة "سيل العرم"، وانهيار دولة "سبأ"، وتمزق الشعب اليمني!

لكن، الأرجح، أنها لم تكن تحتفل بذكرى تلك الكارثة القديمة، أو تفتخر ببلاهة بمشاركاتها وأدوارها البطولية في صناعة ذلك الطوفان، كما يفعل بعض الثورجيين اليوم في ذكرى كارثة ما تسمى "ثورة فبراير" 2011 "المجيدة".

يحتاج الأمر أصلاً إلى قدرٍ من "الجرذانية".. لم يكن متاحاً لتلك الفئران الانتهازية القديمة، التي كانت سابقة لعصر النفط والفضائيات والفضاء الإلكتروني، والإعلام الموجه والاستلاب الثوري.

كانوا مجرد شلة حمقاء من المغامرين، وكانت "بلدة طيبةٌ وربٌ غفور"، لكن.. حدث ما حدث. فانهارت دولة، وضاعت حضارة، وتشظى وطن، وتمزق شعب كان واحداً موحداً وصار مجرد أشلاء وأحاديث للعبرة والعظة وسخرية وشفقة الآخرين!

والمصيبة في البشر أكثر من أي شيء آخر. قصف عقول، ومسخ روحي وأخلاقي، وتهجين وترويض فكري سلوكي.. أنتج كائنات قطعانية انفصامية هلامية عجيبة تكذب عيونها وتصدق آذانها ولا تلقي بالاً للواقع أو للتاريخ.!

بعض فئران اليوم. شيوعي صميم، قرأ لماركس وإنجلز، ولينين، وديستويفسكي، ويعتنق بشكل مطلق مبدأ البرولوتاريا.. ويتحدث عن البلشفية وصراع الطبقات.. كتقدمي أصيل.. ثم ينحاز كأي جاهل رجعي متعصب، إلى راسبوتين.!

أما كيف التحق أتباع عبد الناصر للعمل بإخلاص وحماس في خدمة مشاريع الشيخ سيد قطب وحسن البنا، فهذا ما لا يمكن لعقل طبيعي هضمه واستيعابه على الإطلاق.!

هل ندمت بعض الفئران القديمة. وقالت إن مقصدها كان شريفاً، وأنها شاركت في صناعة الكارثة، بحسن نية، كما يفعل اليوم معظم ثوار فبراير الذين غرقوا كغيرهم في الطوفان، وباتوا يشعرون بحجم الفاجعة الوجودية، ولات حين مندم؟!

ربما. المؤكد أن الأغلبية كانت في كل مرة، ضحية تعيسة لحسن نواياها، وندمت بعد فوات الأوان على المعبد الذي هدمته عليها وعلى أعدائها، لصالح النخب التي تعرف دائماً كيف تتملص من دفع الضريبة، وسرعان ما تشتري لها أوطاناً بديلة.

في مقابل الشام والعراق القديمين. وصلت شظايا اليمن اليوم إلى تركيا والخليج، وماليزيا وبكين والقاهرة والأكوادور، وموزمبيق.. على شكل أرصدة وشركات وعقارات واستثمارات في كل شيء تقريباً. بما فيه بيع عصافير وهمية على شجرة زائفة.!

وفي مقابل الملك "عمرو مزيقيا" الذي استبق الطوفان، وباع كل شيء في الوطن، وأسس لنفسه ممالك في المنافي، فئران اليوم غبية خائبة، تركت كل شيء للغرق، وتفرغت في المنافي، لخدمة كل الأطراف المتضادة المتناحرة.!

هؤلاء الذين عقروا الناقة هنا. يركبون هناك أحدث موديلات السيارات، ويأكلون بأثدائهم، أرادوا كل شيء وخسروا كل شيء، ورحلوا بعيداً عن أرض لم تعد وطناً، وبلد لم يعد لائقاً بالحياة.

ومن هناك، من الخارج الوثير يوجهون للداخل أن يحتفل، ومن سخرية القدر أن يحتفل بعض الضحايا، بكل ما في الأمر من لوثة ومفارقة وبجاحة وازداء لعقول ودماء ودموع وعذابات الشعب اليمني.!