د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

"أوكرانيا" كرة زجاجية جديدة في كف العفريت "بوتين"!

Wednesday 23 February 2022 الساعة 10:40 am

لا جديد في ما قاله الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، في خطابه الأخير، بشأن منطقة الدونباس، وهويتها الروسية، وتاريخها الجغرافي، فقد قاله مراراً، من قبل، كما في ربيع 2014، وأضاف آنذاك: "سوف أذكّركم: هذه "نوفوروسيا" أي روسيا الجديدة".

الجديد فقط أن خطابه الأخير كان إعلاناً عن لحظة الصفر للجيش الروسي، الذي اجتاح مباشرة هذه المنطقة وغيرها من المناطق التي تسيطر عليها القوى الانفصالية التي لا يُعرف بالضبط هل هي مرتزقة تريد الانضمام إلى روسيا أم ثوار يريدون استقلال مناطقهم؟!

حتى رئيس المخابرات الروسية ظهر مرتبكاً في هذه النقطة، وهو يتحدث عن خيار الضم والإلحاق أمام الرئيس الروسي الذي يتحدث عن الاعتراف باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، في حضرة رئيسي الجمهوريتين الجديدتين!

لبوتين والنظام البوتيني عموماً، تجربة مع كلا الخيارين: خيار التقسيم الذي تم تبنيه في جورجيا بدخول روسيا معها عام 2008، في نزاع مسلح انتهى باعتراف روسيا باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا، أو خيار الضم والإلحاق الذي تبنته روسيا بضم شبه جزيرة القرم إليها عام 2014.

أي أن هذه اللعبة الخطرة ليست جديدة على روسيا ولا على الغرب الذي كان عادة يراقب عن كثب ما يحدث، ويكتفي -أمام ترسانة سلاح نووي هي الأكبر في العالم- بالتنديد والتهديد بفرض عقوبات اقتصادية، لم تغير شيئاً من الأمر الواقع الذي يفرضه الرئيس الروسي في كل مرة على الجميع.!

هذا الرجل ليس شخصية سهلة، نزعته الذاتية وطموحه التوسعي، لا يخفيان على العين، ولا بد أنه يشعر بالزهو، عندما تتحدث عنه المجلات العالمية، باعتباره الرقم الأول في العالم، ضمن قائمة أفضل 100 شخص الأكثر تأثيراً، حسب مجلة التايم عام 2007، كما حصل في أعوام 2013 و2014 و2015 و2016 على المركز الأول في قائمة فوربس للناس الأكثر نفوذاً في العالم:

- "لست السكّير يلتسين ولا المرتعش جورباتشوف".!

هكذا قال الرجل مؤخراً في رسالة للأطراف التي قد تخطئ في تقدير إمكانياته وقدراته السياسية والعسكرية، وكان قبل أيام قد أشار إلى التفوق العسكري لحلف الناتو، مستدركاً أن السلاح النووي يحفظ التوازنات.

يفهم الغرب هذه اللغة جيداً، لذا لن تندلع حرب عالمية ثالثة، وعن العقوبات التي يلوح الغرب باتخاذها ضد روسيا، قال بوتين إنها أصبحت ردود أفعال متوقعة، وأن الغرب كان سيتخذها ضد روسيا حتى بدون الأزمة الأوكرانية:

"إنهم يحاولون ابتزازنا مرة أخرى، وهم يهددون مرة أخرى بالعقوبات التي سيستمرون في فرضها، وهدفها واحد فقط: كبح جماح تطور روسيا. وسوف يفعلون ذلك، كما فعلوا من قبل".

بمعنى أن هذه العقوبات وسيلة قديمة فاشلة لن تغير مسار العملية الروسية الراهنة في أوكرانيا والتي حشد لها الكثير من الجنود والعتاد، كما حشد لها الكثير من المبررات في خطابه الأخير: 

• من هذه المبررات ما يتعلق بتاريخ الجغرافيا:

- أوكرانيا أرض روسية قديمة.

- أوكرانيا جزء لا يتجزأ من تاريخ روسيا.

- لينين هو الذي خلق دولة أوكرانيا التي نراها حاليا.

- الثورة البلشفية هي التي صنعت أوكرانيا بشكلها الحالي.

- ستالين ضم إلى أوكرانيا مناطق من بولندا ورومانيا كما ضم إليها القرم.

• ومنها ما يتعلق بالنظام الأوكراني ووضعه ومخططاته:

- سلطة الانقلابيين استولت على كل أموال وموارد الدولة ووضعوها في جيوبهم.

- أوكرانيا كانت تسرق الغاز الروسي المار من أراضيها إلى أوروبا.

- أوكرانيا تواجه انقساماً وهي تمر بأزمة اقتصادية حادة.

- السلطات الأوكرانية تريد حرباً جديدة في دونباس.

- أوكرانيا تخطط لصناعة أسلحة دمار شامل، قد تغير الوضع العالمي بشكل جذري. 

- أوكرانيا وضعت خططاً لغزو القرم.

• ومنها ما يتعلق بهيمنة الغرب على أوكرانيا باعتبارها أداة غربية ضد روسيا:

- روسيا مهمشة في أوكرانيا.

- أوكرانيا تحت الاحتلال والقوى الأجنبية تدير الأمور فيها على كل مسـتويات السلطة.

- أوكرانيا تديرها قوى أجنبية، وهذا يؤثر على كل الدول الأخرى.

- أصبحت أوكرانيا "مستعمرة حكومة دمية".

وإجمالاً. ذكر بوتين أن ما يحدث في أوكرانيا هو تهديد صارخ لأمن روسيا القومي وبالتالي، فإن روسيا، حسب تعبيره، تمتلك الحق بشكل كامل لحماية أمنها القومي.

لا أحد يدري إلى أين ستتجه الأمور، وهل ستتوقف في حدود إعلان دولتين مستقلتين عن أوكرانيا، أم أن أوكرانيا كلها مهددة بالاجتياح، وإذا حدث ذلك فهل سيتوقف الأمر في حدود أوكرانيا أم سيتجاوزها إلى دول البلطيق وغيرها؟! في ظل مخاوف عالمية موضوعية مرتبطة بشخصية بوتين، في نزعته القيصرية وطموحه الامبراطوري.!