عبدالستار سيف الشميري

عبدالستار سيف الشميري

تابعنى على

ماذا يدور في مسقط؟

Saturday 16 April 2022 الساعة 01:16 pm

قراءة في الدور العماني في اليمن

لمسقط “قوة سياسية” متمثلة في أدوار الوساطة الإقليمية في أكثر من محطة وعلاقتها مع إيران متميزة وتاريخية رغم التاريخ الدامي القديم لإيران في عمان.

تمتلك سلطنة عمان علاقات دولية عميقة ومؤثرة خاصة مع بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، تحاول من خلال هذه العلاقات المناورة في اتجاهات مختلفة لحماية نفسها في منطقة قلقة ومتوترة، والموازنة بين أمنها كدولة صغيرة ومصالحها وعلى المدى البعيد.

 يبدو أنها ستحافظ على سياساتها الهادئة، دون الانخراط في سياسة المحاور.

 وفي هذا السياق، من المرجح إبقاء مسقط علاقاتها مع الحوثيين في مستواها الراهن، لا سيما وأن هذا المستوى يحقق لمسقط كما لجماعة الحوثي أيضا ما يريده كلا الطرفين.

في الماضي القريب استطاعت السلطنة تحقيق طلب إيراني - حوثي بنقل حسن إيرلوا سفير إيران لدى الحوثي في صنعاء وهو أمر لم يكن سهلا خاصة أنه تم دون مقابل يذكر.

وكان يمكن استثماره بإطلاق الحوثي لوزير الدفاع الصبيحي وشخصيات أخرى كبيرة مختطفة لدى الحوثيين.

 كما أنها أسهمت في نسج اتفاق الهدنة الأخير وهو أمر له دلالة على قدرة السلطنة تمرير صفقات من النوع الثقيل بين الأطراف.

 الجدير بالذكر هنا أن السفير الإيراني حسن إیرلو قدم إلى اليمن على متن رحلة جوية من سلطنة عمان، كما تناقلت بعض الأخبار ذلك وهو أمر لم تنفه مسقط حينها.

- كيف يمكن فهم الدور العماني في اليمن؟

 الدور العماني في اليمن يعمل على ترسيخ الحضور السياسي لجماعة الحوثي وتحقيق تواصلها بالعالم وتعزيز مكانتها.

 وتبدو علاقة الشرعية في اليمن بالسلطنة باردة رغم أن مسقط كانت الوجهة والطريق الذي عبر منه الرئيس هادي بعد هروبه من عدن إلى السعودية، وتكتفي الشرعية بدور التحالف في إدارة النقاش مع السلطنة غالبا.

تتواجد السلطنة بثقل كبير في المهرة وتملك خيوطا ومحركات المعارضة المهرية للشرعية والسعودية وتغذيها أحيانا في حدود معينة وتتحكم بمنسوبها.

يشاع أنها تدعم قناة المهرية وبعض مواقع من خلف ستار.

عندما تم قتل خمسة جنود من القوات السعودية في المهرة إثر استهداف مسلح لعربتهم العسكرية قامت عمان باستخدام نفوذها التقليدي في المهرة للتهدئة عقب زيارة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان لمسقط منذ سنتين تقريبا.

لا يمكن قراءة موقف عمان أنه حيادي بحت في الصراع اليمني خاصة مع ثبوت تهريب سلاح إيراني للحوثيين عبر طرقات من السلطنة.

وهناك شواهد وتقارير صحفية وتصريحات على لسان مسؤولين يمنيين بشأن ذلك، البعض كان يفسر ذلك أنه عجز من السلطات العمانية عن فرض رقابة كاملة على حدودها مع اليمن.

 وعلى كل الأحوال كانت مسقط تنفي الأمر وتقول إنه "شكوك واتهامات".

 بيان للخارجية العمانية أشار في أكتوبر/ 2016 ما نصه: "إن جميع المزاعم بتهريب أسلحة عبر الأراضي العمانية قد تمت مناقشتها وتفنيدها مع عدد من دول التحالف ومع الولايات المتحدة وبريطانيا والتأكد من عدم صحتها".

على الضفة الأخرى الحوثيون غالبا ما يكيلون المدح للسلطنة ويصفون دورها أنه محايد ونزيه.

 كما أن عمان هي البلد الثاني بعد إيران يظهر فيها القادة الحوثيون ويمارسون نشاطا سياسيا غير محدود ويلقون الحماية والرعاية حتى أن صور السلطان قابوس وهيثم رفعت في شوارع صنعاء.

كما أبدى الحوثيون برجماتية عالية في التعاطي مع سياسة السلطنة تجاه إسرائيل، فلم يهاجموا تطبيع علاقاتها مع إسرائيل في حملاتهم الإعلامية كما فعلوا مع بعض دول تحالف دعم الشرعية في اليمن، وتغاضوا عندما زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (مسقط) وكأن الأمر موافقة ضمنية أو سكوت مقصود وهو امتداد للنهج الذي اتخذته إيران تجاه ذلك في سقوط واضح لكل الادعاءات والشعارات الإيرانية والحوثية.

- مسقط ودول الخليج 

ليس هناك متغيرات جوهرية في السياسة الخارجية العمانية في عهد السلطان الجديد عن سابقه قابوس باستثناء إطاحته ببعض رموز السياسة الخارجية العمانية وأهمهم يوسف بن علوي.

 لكن قد يكون ذلك تغييرا في الشخوص وليس في الرؤية التي تبدو مستقرة كما أسسها السلطان قابوس.

هناك معطيات تقول إن السلطان هيثم أقرب إلى التعاطي مع دول الخليج بصورة أفضل عما كان خاصة مع السعودية والإمارات والكويت، لا سيما بعد العجز الاقتصادي الكبير الذي ظهر في الموازنات العمانية الأخيرة.

خلاصة القول:

تبقى سياسة سلطنة عمان مثار التساؤلات والمخاوف رغم أنها تبدو واقفة على أرض صلبة، ولها سوابق كثيرة في قدراتها النوعية في التعامل مع كل الأطراف، وتحقيق بعض ما لم تستطعه واشنطن بالضغط أو الاحتواء، ويعول عليها في اللحظة الراهنة إعداد مسار وثيقة جديدة للسلام وإنتاج الحل النهائي من خلال مجلس الشرعية الرئاسي، ومجلس الحوثيين السياسي بموافقة خليجية وأممية، لكن يبدو الأمر هذه المرة صعبا للغاية في ظل هدنة هشة وسقف مطالب مرتفع من إيران والحوثي مع تعقيدات كثيرة قد تنتج مرحلة هدنة أطول أو وثيقة جديدة لمرحلة هشة تقود إلى صراع جديد في فترات زمنية متوالية.