فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

رجال الدين والتبشير بعجز العلوم

Saturday 23 July 2022 الساعة 08:29 pm

كم عدد النظريات والفروض العلمية التي انهارت أو تم تعديلها؟ قليل للغاية.. نظرية نيوتن في الجاذبية طوحت بها نظرية النسبية عبقري الفيزياء الحديثة اينشتاين.. نظرية الانفجار الكبير المستقرة حتى اليوم خضعت لتعديل قبل أن تكون.. قولة الفيزيائي كالفن التي كانت قبل مائتي سنة علمية أصبحت مدعاة للسخرية، فقد قرر أن الآلات الأثقل من الهواء لا يمكن صعودها في السماء، وأحدث طائرات بوينج تطير اليوم وعليها نحو ثمانمائة راكب.

في العلوم الطبية كان معرفة جنس الجنين، ذكر أم أنثى، وهو في بطن أمه غير ممكن قبل اختراع جهاز السونار في ثمانينات القرن العشرين، وحينها هلل رجال الدين وكبروا لهذا العجز العلمي، لأنه يتوافق مع القرآن حسب طنهم لأن القرآن ذكر أن الله وحده مختص بمعرفة ما في الأرحام.. يطربون كلما سمعوا أن العلم وقع في عثرة، أو تم تعديل نظرية علمية، مع إدراكهم أن أحكام الشريعة ينقض بعض منها البعض الآخر، وتتغير كل سنة مرة، وهذا إيجابي بالتوكيد، وما يحدث في ميادين العلوم التجريبية من تعديل وتطوير إيجابي أيضاً.

من جهة قريبة، ما يزال كثير من المسلمين يستجر أخباراً من مخلفات خمسينات وستينات القرن العشرين، كانت تزعم أن غزو الفضاء مجرد حرب نفسية متبادلة بين الاتحاد السوفييتي، والولايات المتحدة الأميركية، وأنه في الحقيقة لم يدر جاجارين حول الأرض بمركبة فضائية، ولا كان هناك صعود إلى القمر، ولم يهبط على أرضه إنسان إلى اليوم، وحاشا لله أن يسمح للبشر انتهاك ملكوته.

ربما حدث ذلك التشكيك السياسي، لا العلمي، في حالة شعور بالصدمة من قبل الأميركيين، كما حدث في يوم من أيام أغسطس عام 1957، عندما ألقى الرئيس السوفييتي خورتشوف خطاباً من إذاعة موسكو يخبر العالم أن بلاده أطلقت القمر الصناعي سبوتنيك إلى الفضاء الخارجي للأرض، فقال كليرنس راندال مساعد الرئيس الأميركي إيزنهاور: إنها لعبة سخيفة في السماء! ومع  ذلك تنبهوا إلى هذا السبق، بعد أن لم يكن لعبة سخيفة.. شرعوا في التركيز على صناعة الفضاء، وبزوا منافسيهم، فطيرت وكالة الفضاء والطيران- ناسا، المركبة ابوللو لتوصل ثلاثة رواد فضاء إلى سطح القمر، من بينهم أميسترونج الذي قال منكرو غزو الفضاء إنه سمع صوت مؤذن يؤذن هناك على سطع القمر، وما زالوا يرددون كذبتهم حتى بعد نفي الرجل لها وسخريته منها.