فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

ضفادع إيليا.. نق نق نق

Friday 12 May 2023 الساعة 06:33 pm

للشاعر العربي الفذ إيليا أبي ماضي، قصيدة نجيبة عنوانها الضفادع والنجوم.. يصور فيها معركة ضروسا خال للضفادع أنها قد خضتها في مواجهة نجوم السماء.

حين جن الليل انعكست صورة النجوم على صفحة مياه البركة فخال لكبير الضفادع أن النجوم قد غزت موطنها، وقام ينادي قومه: عبر الأعداء في الليل التخوم. فاحتشدوا ورصوا الصفوف يا قوم.. لطرد هؤلاء الأعداء، وطرد الليل أيضا، لأنه تواطأ مع الأعداء فصار مثلهم باغ أثيم.

احتشدت الضفادع حول البركة ثم بدأت الهجوم البطولي، نق نق نق نق.

استمرت تنق من أول الليل إلى طلوع الفجر الذي زالت بضوئه صورة النجوم من على سطح مياه البركة.. وتوهمت الضفادع أنها بكفاحها ذاك نق نق  نق، قد قهرت الغزاة، وحق لها التباهي بالبطولات التي اجترحتها والغارات الماحقة التي شنتها تلك الليلة التاريخية على العدو السماوي، نق نق نق نق.

 وقد أشهدت على ذلك التاريخ:

 أيها التاريخ سجل أننا، أمة قد غلبت حتى النجوم!

هذه المعركة تشبهها المعارك التي يمسي يتخيل كارهو المقاومة الوطنية وخصوم قياداتها، أنهم يخوضونها وينتصرون في نهاياتها على ألوية حراس الجمهورية التي ينشرونها هم أنفسهم على جبهات الغضب التي يختارونها هم أنفسهم أيضا، حتى أن أحدهم قام مؤخرا بإرسال لواء حراس جمهورية إلى دار فور لكي يقاتل إلى جانب قوات الدعم السريع، ولم يقل لنا كيف تمكن من إيصال قوات لواء إلى جمهورية السودان المعطلة مطاراتها، المغلقة حدودها، الواقعة تحت أقمار الفضاء وأمام أنظار الدول عظيمها وأممها ومجلس أمنها. ليته زاد. يتخيل أنه أخرج اليمنيين المحاصرين هناك لشكرنا له جودة الخيال.

بينما ألوية حراس الجمهورية مرابطة في أماكنها منذ بدأت -قبل نحو خمس سنوات- كفاحها ضد ميليشيا العصابة الحوثية، فلم تتزحزح ولم تغير مواقعها إلا في إطار خطط إعادة التموضع وإعادة الانتشار في الساحل الغربي، لكن المرهقين نفسيا يتخيلون ويتوهمون وينشرون وينقون ويهزمون وينتصرون دائما: نق نق نق نق.

يتخيل أحدهم لواء عسكريا جمهوريا قد عبر حدود قريته ثم يتوهم نفسه ورفاقه المغاوير وهم يكافحون: نق نق نق نق، وأنه لولا استبسالهم البطولي لما انسحب من القرية أفراد اللواء الذين نجوا من العاصفة نق نق نق نق. 

لقد نشروا ألوية من حراس الجمهورية وسط مدينة تعز وفي شبوة وأبين ودار سعد وخاضوا ضدها حروبا.. وقال أحدهم، لولا الدرس الذي لقناه للواء الذي اجتاح مدينتنا مساء أمس لما كف طارق عفاش عن غزو المدن!

وهكذا يتخيلون معارك لم تحدث، وانتصارات موهومة مع ألوية لم تغادر يوما الساحل الغربي.. إنها معارك من قبيل المعارك التي تخيلتها ضفادع إيليا.

لكن -وهذا جيد- يبدو أن معظم القوم في الفترة الأخيرة يبلون في سبيل التحرر من  أمراضهم النفسية.. والظاهر أن السلوك الرفيع لقيادة المقاومة الوطنية وأفعالها الوطنية لها الدور الأساسي في شفاء القوم من المرض العضال.