فيصل الصوفي

فيصل الصوفي

مراكز صيفية.. إما شر وإما لا جدوى

Friday 19 May 2023 الساعة 05:11 pm

أن يبقى أبناؤنا خلال الإجازة المدرسية في البيوت خير وأقوم لهم ولعائلاتهم ولوطنهم من التحاقهم بالمراكز الصيفية التي تنظمها وتديرها وتوجهها قيادات ومثقفو جماعة عبد الملك الحوثي.. أما المراكز الصيفية التي تهيئها الشرعية فلا جدوى حقيقية منها على الرغم من أن أغراضها وطنية.

أما الأولى فهي مراكز ضرار، لأن منظميها والمحاضرين فيها ومحتوياتها المعرفية تستهدف تنشئة جيل على التعصب المذهبي، والتصلب الفكري، وتعطيل العقل، والتمييز بين المواطنين.. من يقرأ الكراسات والكتب التي تدرس في تلك المراكز سيكتشف هذه الآفات بوضوح، فضلاً عن أن محتوى تلك الكتب والكراسات يمجد المركبات الثقافية القديمة التي يفترض إماتتها لا إحياءها، فإن المحاضرين والمعلمين الذين ينتمون لجماعة عبد الملك الحوثي يمثلون منهجاً موازياً وأكثر تأثيراً في الطلاب والتلاميذ من المنهج المكتوب. 

وأما الثانية، وهي مراكز الشرعية، فعلى الرغم من اعتدال معظم المعلمين والمحاضرين فيها فإن محتواها التعليمي ليس بشيء مهم، فهي تسعى لمساعدة الملتحقين بها من أجل شغل أوقات فراغهم بالرياضات البدنية والتزود بمعلومات ومعارف علمية وثقافية، لكن ما أهمية هذا المسلك، إذ إن المعارف والمعلومات التي تضخها المصادر العلمية في هذا العصر تتضاعف بسرعة، فالمحتوى المراد تزويد الملتحقين به لا يساوي كمية المعلومات التي تنتج خلال ثانية واحدة... أعني أن وظيفة المراكز لا ينبغي أن تكون تزويد الملتحقين بمعارف ومعلومات، بل إن تدربهم على تحصيل العلوم والتدريب البدني والذهني. لا يحتاج الطلاب والتلاميذ ولا المجتمع إلى تعليم طائفي أو إنشاء نسخ بشرية من الكتب والكراريس المعرفية لو كانت محايدة وعقلانية، فما بالكم عندما تكون مذهبية عنصرية متخلفة ومعادية للعقل.. يحتاج الطلاب والتلاميذ إلى برامج مصممة لتدريبهم على التحصيل الدراسي، التدريب على ضبط السلوك، التدريب على مهارات القراءة والتفكير وحل المشكلات مهارة الكتابة، التدريبات الرياضية، المنافسة، العناية بالجوانب الصحية، والتدريب على كيفية التخلص من العادات القبيحة والمضرة. إن تدريب جماعة من الناس تدريباً فعالاً لاكتساب عادة معينة أو التخلص من عادة ما، يؤدي إلى تحسنهم في أمور أخرى غير محسوبة، وهذا ما تظهره التجارب العلمية، وسوف نسوق المثال التالي لتعزيز قولنا: قام العالمان الاستراليان ميجان آرتين، وكين تشينينج بتجربة تتمثل في تصميم برنامج لتدريب خمسة وأربعين طالباً على تحسين قدراتهم في مجال التحصيل العلمي، وفوق أن البرنامج التدريبي حقق هدفه الأساسي في النهاية، فقد اكتشف العالمان -من خلال تتبع السلوك اللاحق لأولئك الطلاب- أن المدخن منهم قلل من عدد السجائر التي يدخنها، وقلل آخرون كمية الكحوليات، وعنوا بالطعام النظيف الصحي، وزادوا من التدريبات الرياضية، وخفضوا فترة مشاهدة التلفزيون، على الرغم من برنامج التدريب لم يتضمن إحداث هذه التغييرات في سلوك الطلاب.