د. محمود السالمي

د. محمود السالمي

تابعنى على

اليمن وفرص الاستقرار

Sunday 24 December 2023 الساعة 08:46 pm

مثلما للحرب دوافعها وظروفها، فللاستقرار أيضا دوافعه وشروطه، والاستقرار في اليمن كما هو الأمر في كل مكان في العالم لا يمكن أن يتحقق إلا بحالتين:

- الأولى: أن ينتصر طرف عسكريا، ويحتكر القوة بيده، ويجبر الأطراف الأخرى على الإذعان له.

- الثانية: أن تصل الأطراف المتنازعة إلى قناعة بعدم جدوى القتال، والبحث عن حل سياسي يستوعب مصالح الجميع.

وحتى الآن لا تتوفر الظروف لأي من الحالتين، فلا طرف استطاع أن يحسم المعركة لصالحه، ولا الأطراف عندها الاستعداد للقبول ببعضها، لا سيما الحركة الحوثية، فهي غير مقتنعة حاليا بتسوية حقيقية وعادلة، ولديها اعتقاد راسخ بأنها ستستطيع هزيمة خصومها عسكريا وفرض مشروعها، وتعتقد أن تدخل التحالف في اليمن هو من أعاقها، ولذلك يهمها في المقام الأول خروج التحالف من معادلة الحرب حتى يمكن لها هزيمة القوى التي تقاتلها.

دول التحالف واضح أنها تعبت من إطالة أمد الحرب، وتريد أن تشرف قبل انسحابها على أي تسوية وبأي شكل من الأشكال، حتى لا تلاحقها الانتقادات إذا خلفت الفوضى والحرب خلفها في اليمن. لكن الحقيقة أن أي اتفاق سياسي في ظل الظروف الحالية لن يكون أكثر من مجرد استراحة لشوط حاسم من الحرب.

الأطراف التي تقاوم الحوثي لديها مشاكلها وخلافاتها الكثيرة، وقضاياها المختلفة، طرف قضيته سلطة، وطرف قضيته انتقام، وطرف قضيته أرض، وطرف قضيته دين ومذهب. والمشكلة المهمة لدى تلك الأطراف هي أن الطرف الذي يبحث عن السلطة هو من يقود بقية الأطراف الأكثر إخلاصا منه في القتال، فدائما الذي يبحث عن السلطة ليس لديه الاستعداد للموت من أجلها.

من يدافع عن أرض أو عن مذهب عنده الاستعداد أكثر من غيره للصمود في الميدان وللموت من أجل القضية التي يدافع عنها.

ولذلك في حال التوقيع على تسوية مؤقتة وانسحاب التحالف، فلا بد من تشكيل سلطة سياسية جديدة في المناطق المحررة وإسناد قيادتها للأطراف التي عندها الاستعداد للقتال والصمود في الميدان، فعلى الأقل إذا لم تتمكن من هزيمة الحوثي في المناطق التي يسيطر عليها في جولة الحرب القادمة، فستدافع عن ما تحت يدها، وستخلق حالة توازن عسكري ستجبر الحركة الحوثية على الجنوح للسلم.

أما إذا استمرت قيادة السلطة السياسة والعسكرية بيد من يسعون فقط للمال والسلطة فإن أمر انتصار الحوثي على الجميع بعد انسحاب التحالف ليس محل شك كبير.

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك