محمد عسكر

محمد عسكر

تابعنى على

الأمن القومي العربي أولاً.. قبل البكاء على اللبن المسكوب

Sunday 14 January 2024 الساعة 07:17 pm

تكثر الزلازل السياسية التي نحياها هذه الأيام في المنطقة وهرولة غير مسبوقة لتدخلات خارجية تعبث في أمنها واستقرارها، وهو ما يظهر مدى انكشاف الأمن القومي العربي، في هذه اللحظة التاريخية.

مما يستدعي المبادرة من النخب الفكرية والسياسية لشحذ قريحة فكرهم، ورفع أصواتهم في قضية من أهم القضايا التي تمس حاضر ومستقبل العالم العربي دولاً وأفراداً وجماعات.

ولا شك أن هذه القضية أرقت وتؤرق صناع القرار في الدول العربية وخصوصاً المحورية منها، لإعادة بناء منظومة الأمن العربي وفق منظور استراتيجي، يأخذ بعين الاعتبار مصالح الدول العربية كافة، بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن الدخول بمحاور خارجية لا يحمي أمناً ولا يحقق استقراراً.

فالحرائق تشتعل وتزداد من فلسطين إلى سوريا وحتى البحر الأحمر واليمن مروراً بليبيا والسودان، ولم تجدِ نفعاً سياسة إطفاء الحرائق، ولن تستطيع دولة بمفردها حماية ذاتها بمجرد إغلاق النوافذ، مع استمرار الحرائق في خارجها.

ولا بد من انتهاج سياسات وقائية، تحفظ المصالح الكلية للعالم العربي، ويمكن تلخيص أهم ركائز استراتيجية لإعادة بناء الأمن القومي العربي فيما يلي:

1. التوازن الداخلي: يشمل تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي في الدول العربية، وتعزيز العدالة الاجتماعية وحماية حقوق الإنسان.

2. الاتحاد العربي: هيكلة الجامعة العربية بصورة عاجلة وإعلان اتحاد كونفيدرالي عربي يهدف إلى تعزيز التعاون والتكامل بين الدول العربية في مختلف الجوانب، سواء السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية أو الثقافية.

3. بناء منظومة اقتصادية تكاملية، تحقق توازنا اقتصاديا بين الدول العربية، من خلال أدوات الاستثمار والشراكات الاقتصادية، مما يخفض مستوى البطالة، ويحقق الأمن الغذائي والصناعي والتنمية المستدامة للجميع.

4. حماية الموارد الطبيعية والطاقة: تأمين وحماية مصادر الطاقة الاستراتيجية والموارد الطبيعية في العالم العربي، والممرات التي تعبر من خلالها.

5. تعزيز القدرات العسكرية والأمنية: تحديث وتطوير القوات المسلحة وتكنولوجيا الأمن الحديثة للتصدي للتهديدات الأمنية.

6. حل النزاعات والتسويات الدبلوماسية: التعامل مع النزاعات السياسية والإقليمية بطرق سلمية من خلال الحوار والتفاوض.

7. مكافحة الإرهاب والتطرف: التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ومنع تمددهما والحد من تأثيراتهما.

8. الحفاظ على الهوية الثقافية والدينية: حماية الهوية العربية والإسلامية وتعزيز القيم والمبادئ العربية التقليدية.

9. التنمية الإنسانية والاجتماعية: تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق العدالة الاجتماعية للمجتمعات العربية.

10. الحفاظ على السيادة والأمن الحدودي: حماية الحدود الوطنية والسيادة الوطنية، ومنع التدخل الخارجي، إلا من سياسات جماعية متفق عليها على المستوى الاتحادي.

تحقيق هذه الركائز مع غيرها تسهم -في تقديري- في تعزيز الأمن القومي العربي والحفاظ على سلامة الدول العربية واستقرارها، أمام التهديدات الوجودية التي تواجهها في هذه المرحلة، قبل أن تعصف بنا مدلهمات المخاطر ونعجز عن مواجهتها فرادى، ويكون الوقت قد فات، فنبكي على اللبن المسكوب.

* من صفحة الكاتب على إكس