ماجد زايد

ماجد زايد

تابعنى على

آسف يا قاضي قطران.. هذا الخذلان ليس منا!

Thursday 15 February 2024 الساعة 08:09 pm

أنا آسف يا قاضي عبدالوهاب قطران. آسف عن كل هذا الخذلان فيك، آسف بحجم جروحنا وخوفنا وأوجاعنا المتكررة رغمًا عنا، بحجم هذا العالم البعيد بينما يشاهدنا منذ سنوات ولا يحرك ساكنًا نحونا، آسف يا عزيزي لأننا تركناك لمصيرك المحبوك بلا رحمة.. آسف أكررها بقلبي، وأعيدها من قلبي عن جور ما يجري فيك. هكذا يبدو وطننا كل عام يا قاضي.. هكذا نحن وهكذا يبدو شكلنا وحياتنا، الخوف والصمت وشكوك الاعتقال يغشى كل شيء حولنا، آسف، أقولها بوجع وغصة، كأن الحياة هنا جدار يعج بالحياة المهزومة.. ولقد هزم كل شيء فينا وفي حياتنا. 

آسف يقولها الشعب اليمني عن بكرة أبيه، هذا الخذلان ليس منا، وليس من عاداتنا، ولم نخلقه بإرادتنا، لقد صنعه الآخرون فينا، وذهبوا ينتزعون ملامحه من حياتنا وأحلامنا، لقد أهلكونا وأعدموا رغبتنا في البقاء، لقد جعلونا عالة على أنفسنا وبيوتنا، عالة تائهين بلا أمل، وبلا عمل، وبلا غاية ولقمة عيش أو وطن.. مجرد قطيع يخاف كل يوم من  الخيبة والخدلان والكثير الكثير من الزيف المصنوع بعناية بالغة الدهاء..

لم يكن -هذا الوطن- وطننا.. ليس هذا ما يجب أن يكون.. لقد كان وطننا جميلًا، جميعنا نعرف هذا، لقد كان برائحة البن والياقوت والأزهار، سعيدًا وبهيًا ويشبه شكلنا البسيط في ملامحة المتلهفة للحياة والسعادة، كانت الدنيا في سلام ووئام، وعلى ما يرام، كان العالم يعرف عنا الخير والسعادة والطيبين، كان الجميع يأتون إلينا من كل زمان ومكان، كانت قرانا ومدننا مزارًا للمتجولين الهاربين من ضيق العالم وشقائه، كان الجميع يهربون إلى سعادتنا وأجوائنا، ويتجرعون منا سعادة لا تكاد تنتهي، كان وكان وكان، ولكنه صار من عالم غريب وخائف.. 

أنا آسف يا عبدالوهاب قطران.. آسف مجددًا ومجددًا.. آسف ألف مرة.. آسف كل يوم. لا أملك ما أصنعه غير الأسف والمزيد من الأسف، لقد بكينا ألف عام من القهر والندم، أنا آسف ألف عام بحجم ذلك القهر والندم المتجول فينا كل يوم.. آسف، وخائف بعد كل شيء، أقولها بصدق.. خائف حقًا، الجميع يحذرون الجميع من البقاء هنا، هكذا يقولون ويعيدون، وهكذا أصبحنا وأصبح واقعنا المشؤوم، عذاب لا يمكنه أن يذهب، شقاء لا يطاق ولا يكتب، أيّ مصير هذا الذي وقعنا فيه جميعًا..؟! لا أحد منا يدري.. لا أحد..!! 

العمر انتهى ويمضي ونحن مجرد خاسرين ومنبوذين ومشكوكين، وكل يوم نتذكر فيه الآخرين، ثم نهرب، ونعود، وننسى، ونتساءل في نهاية عودتنا كل يوم.. كيف وكيف سيذهب هذا اليأس منا ويعود الوطن؟! كيف سيكون مصير الخائفين والحالمين في هذا المكان الأخبر؟! هل ستتحقق أحلامنا ذات يوم؟! لا أدري.. لا أدري حقًا.. ولا أحد منا يدري أبدًا.. أرجوك يا قاضي العزيز سامحنا عن كل هذا الخذلان.

أنا يا قاضي ما زلت أتذكر كلامك حينما قلت لي ذات يوم: تمنينا ذات مرة أن يأتي يوم نشرب فيه من جمجمة الطغيان! ونصنع من أسنانه عقدًا، ومن عظامه بوقًا، ومن جلده طبلًا ثم نرقص في الاحتفال الكبير؟! ترى هل ستتحقق الأحلام؟! 

إلى القاضي #عبدالوهاب_قطران:

البلاد التي ذرفت من أجلها دمعك تنام وحيدة على ألحان الأرغن اليدوي

#الحرية_للقاضي_عبدالوهاب_قطران 

#أنا_ميت

*من صفحة الكاتب على الفيسبوك