فتاح الحميري

فتاح الحميري

من تهامة التجليات الأولية لملحمتنا الوطنية

Saturday 09 June 2018 الساعة 02:53 pm

من التجليات الواضحة التي تبلورت خلال أيام قليلة، بأن معركة الساحل الغربي، ليس حدثاً سياسياً وعسكرياً عابراً، وليس مجرد انتصارات عسكرية، أُنتجت بسبب السلاح والتخطيط العسكري. وإنما أصبح يعي الجميع بأن هذا حدث وطني تاريخي مدوٍ.. ومعركة فاصلة.. وملحمة وطنية عظيمة.. معاركة بدأت بتحقيق انتصاراتها على المستوى العسكري والقيمي والأخلاقي والإنساني والوعي الوطني.
التجلي الأولي الرائع والجميل لهذه الملامح الوطنية النبيلة وانتصاراتها القيمية والاخلاقية والعسكرية.. لم يعد بمقدار أحد إنكارها رغم استبسال الأعداء للنيل منها، بطرق وأساليب مختلفة، وبمكر وخداع متعدد ومتطور، ولكن لن يحيق المكر السيء إلا بأهله.
فهذه التجليات استطاعت إعادة بث الروح والأمل والحياة للشعب اليمني، بعد أن كان قد أصبح رميماً، بعد ان كانت قد تحطمت أحلامه وآماله وتطلعاته، وأيقن بأن حياته ستظل محصورة بين مكر وإجرام الجماعات الدينية.
استعاد الشعب ثقته بنفسه وقوته وحضارته وعراقته وتأريخه، وبأنه صاحب القوة والحق والمشروعية والسيادة، وليس جماعات دينية ومليشيات إرهابية، تسلطت عليه، وأرادت بأن تصادر حريته وتأريخه وعقله وأمنه وحياته وأبسط معاني معيشته وقوته اليومي.
استعاد الشعب أمله بأن إنهاء أسطورة الحوثي وخرافته، وأوهام قداسته وخطابه المضلل، أمر ليس مستحيلاً، بل ممكن، وأنه لم يعد ممكناً وحسب، بل أصبح واقعاً، مرغ الأبطال أنف الحوثي بالتراب، وأذاقوه هزائم نكراء لم يسبق له أن عرفها ولا تخيلها وتوقعها.
هنا فتحت شهية الشعب إلى آخرها، يريد أن يبتلع الحوثي حتى النهاية بمعركة واحدة، بوجبة واحدة، بلقمة واحدة، إنه الجوع المدقع لمثل هذه الانتصارات التي تطفئ نيران ثورة شعب حضاري عظيم على جماعات دينية إرهابية شريرة أذاقته الويل، وبعد مراحل من انتكاسات وخيبات سببته القوى التي واجهت الحوثي بمعارك كانت عبارة عن مسرحيات مبتذلة، أعطت الحوثي تضخماً وقوة وهيبة، حتى لكأن الخلاص منه أصبح محالاً، ولكأن أعينهم لم تصدق ما ترى من معركة حقيقية يتهاوى فيها الحوثي، وتسقط مع كل قواه وخرافاته ودجله وزيفه. 
هذه الموجة الشعبية العظيمة من المشاعر الوطنية المتأججة والمتدفقة نحو معركة الساحل.. هي مصدر قوتنا وفخرنا واحترامنا، كما هي تجلٍ أولي لطبيعة ملحمتنا الوطنية.. التي استطاعت قلب المعادلة وتغيير الموازين في بدايات معاركها الأولى.
ونحن على يقين بأن موجة الحماسة سوف تتدفق بشكل أعظم وأكبر، كما أن الانتصارات سوف تزهر وتنمو وتتطور وتنمو وتتوصل إلى أعلى وأرفع وأكمل معاني الانتصارات وأعظمها، ولكن لن يتحقق هذا بين عشية وضحاها، سيتحقق بمراحل متدرجة، وخطوات موثوقة ومدروسة.
لسنا جماعة دينية يقوم خطابها على الدجل والتضليل والقفز على الواقع، وتلقي بجنودها للجحيم وتخوض معارك الانتحار، والتوحش وارتكاب كل المحرمات لأجل اهدافها، وتزييف وعي الناس وانكار وتحريف الحقائق، وتزييف واستغلال المقدسات بأوهامهم.
لن نتكلم عن انتصاراتنا أكثر مما تتكلم عن نفسها بالواقع، ولا عن شرف واخلاق معاركنا وإيماننا بكل مقدسات الوطن والشعب ومصالحه، أكثر مما قد تجلى كحقائق واضحة، كملامح وأسس ومنطلقات تميز معركتنا.
لن نبالغ ولن نزايد ولن نغالط، بكل شفافية سنكون واضحين وصادقين مع أنفسنا ومع الشعب، ومقدرين له كل تحمسه، وتمنياته لو أن باستطاعته أن يمنح ابطال الساحل الغربي كل ما له من قوى وطاقة وعمر وحياه ونفس ونبض، لكي لا يتوقف هؤلاء الأبطال ولا لحظة واحدة عن ملاحقة الحوثي وانهائه بمعركة طويلة واحدة.
لن تكون النجاحات حقيقية إلا بقدر دقة خططها واستراتيجيتها واخلاقياتها وانسانيتها ووطنيتها، وهذا لن يكون الا عبر مراحل تأخذ كل مرحلة حقها الكامل وكل ما لها وما عليها ونوفي بكل متطلباتها، نحن لا نتوقف ولو للحظة بعمل دؤوب ومستمر لإعداد أنفسنا وترتيب ما قد تحقق وتم إنجازه من انتصارات، من ثم الانطلاق نحو انتصارات جديدة أكبر وأعظم.
لم يستطع أحد انكار ما تبلور من ملامح انتصاراتنا، ولكنهم يستميتون لمحاولة جرنا إلى معارك وهمية وسخيفة، نترفع عن طرقها وأساليبها التي تعبر عن ابتذالهم وسقوطهم الاخلاقي والوطني والاعلامي، كردة فعل طبيعية منهم بعد شعورهم ببداية النهاية.. سنواجههم بالحقائق بالواقع بالالتزام بالقيم الأخلاقية والوطنية كلما أوغلوا بالسقوط المهين في خطابهم الانهزامي العنصري والمأزوم بأمراضه المختلفة، فمعركتنا ليست انتصارات عسكرية وحسب، هي كذلك انتصارات للقيم والأخلاق والعقل والمنطق، وهكذا تجلت هذه الملامح في بداية معركتنا وبإمكان المتابع والمراقب المحايد أو غير المحايد أن يقرأها بكل وضوح.. ولهذا هي ملحمة وطنية كبرى.. لم يظهر إلا بعضا من تجلياتها.. ولم تبدأ الا تمهيدات أولية لمعاركها الوطنية المختلفة على مختلف المستويات.
عزيزي اليمني الحر الكريم 
إن كنت قائداً أو جندياً أو جمهوراً.. بهذه الملحمة الوطنية العظيمة، ونلت الشرف بالاشتراك في بدايات معاركها الأولية، فعليك أن تتحلى أكثر بالأمل والقوة والإصرار والتحدي والإبداع والاستبسال أكثر، والوعي لعظمة هذه الملحمة ومراحلها ومتطلباتها، وبأن كلا منا يعتبرها معركته الشخصية، وواجبه الأخلاقي والوطني والانساني، لأنه يدافع عن القيم التي يؤمن بها، ويشارك في انقاذ الوطن في أشد مرحلة مر بها، مرحلة صعبة ومؤلمة، كان لازماً بأن يظهر فرسان وأبطال وشجعان، لإنقاذ الوطن من بين أنياب وحوش مفترسة، كادت هذه الوحوش الجماعات الارهابية الشريرة بأن تجعلنا أمة بلا وطن ولا قيم ولا شرف، وبأن تجرنا إلى مزيد من النهايات المأساوية، وتدمير القيم والأخلاق والعقل.
سيكتب التأريخ أحرفاً من نور عن هذه الملحمة وعن هذه المعاركة وابطالها، وستكتب هذه الملحمة وهذه المعارك مستقبلاً يليق بتضحيات الأبطال والشجعان، وسننال حالة من الرضا الداخلي والسعادة لأننا قمنا بما ينبغي علينا، ولم نقف ضعافاً مكتوفين الأيادي، نبكي ونتألم كنساء عاجزات، بل واجهنا ببطولة وشجاعة واستطعنا قلب المعادلة وتحقيق بدايات النصر.
في هذه الملحمة ومعاركها.. الجندي قائد والجمهور جندي وقائد.. لأنها ملحمة إعادة وطن بأكمله، ومعاركها تدار على مستويات وأبعاد مختلفة انتصاراتها تبنى على المهارات والمبادرات والشجاعة والجرأة والتضحية.