فكري قاسم

فكري قاسم

تابعنى على

على أيش يراهن الحوثيون؟

Saturday 16 June 2018 الساعة 07:43 am

كلنا نعرف منذ اليوم الأول للعدوان أن الحرب خسارة كبيرة لكل الأطراف في اليمن، ناهيكم عن معرفتنا الأكيدة بحجم الدمار الذي ستخلفه الحرب العوراء وراءها في بلد فقير أصلاً.

كلنا نعرف النتائج الكارثية ونعرف جيداً أسباب اندلاع الحرب ولا أعرف، شخصياً، ما هو ضمار الحوثيين الذي يجعلهم مستمرين في عنادهم وهم يخسرون كل يوم بعد زفة الانتصارات السريعة التي حظيوا بها ولكنهم كانوا قوماً متكبرين ويحملون مشروعاً لايبني بلداً ولا يبني حتى مجرد صندقة على قارعة الطريق.

كلنا نعرف، أيضاً، أن قوة الحوثيين تتمثل في شتات خصومهم وسيرهم السيئة، لكن ضعف الحوثيين أنهم جماعة سلالية انقلبت على الدولة بقوة السلاح، ولايمكن، بأي حال من الأحوال، أن تحكم فئة صغيرة بلداً متنوعاً أو أن ينصاع لها الناس في أرض أصبح للحوثيين في كل شبر منها غريم يترصد سقوطهم ولايوجد في هذه الجماعة المجنونة، حتى هذه اللحظة، رجل رشيد يخرج للناس بخطاب يطلب الغفران من شعب تعرض بسبب انقلابهم على السلطة إلى ما يشبه الموت السريري لبلد بأكمله.

على أيش يراهن الحوثيون في استمرارهم في السلطة؟ لم يشهد البلد حتى الآن أسوأ مما شهده في عهدهم، ولن يكون هناك في حياة اليمنيين عموما أسوأ مما حصل لهم في زمن الحوثيين من تجويع وإفقار ونهب وتدمير لكل المقدرات.

على أيش يراهن الحوثيون في المستقبل؟ وكل مدينة وكل قرية دخلوها تحولت إلى مآتم عزاء، وكل هدف رسموه للحياة تحول إلى مقبرة مفتوحة، وكل طريق سلكوه تحول إلى حقول من الألغام، وكل محافظة نشروا مسلحيهم فيها تحولت إلى بركان يغلي على مهل.

وسنفترض، مثلاً، أن الحوثيين كسبوا معركة الساحل الغربي، ما الذي سيضيفه ذلك إلى رصيدهم غير أن هناك مزيدا من الدماء ستسفك.. ومزيدا من الخراب.. ومزيدا من مشاعر الكراهية المتضافرة ضدهم !

وكلنا نعرف الآن أن الفكرة المجنونة بالنسبة للحوثيين تتمثل بالطوفان "ولسان حالهم في معركة الساحل الغربي يقول "عليّ وعلى اعدائي"، لكننا لسنا أعداء لهم، نحن يمنيون نريد أن نعيش معهم في سلام كمواطنين يجمعنا قانون واحد يسيري على الصغير والكبير لاسيد ولا مسيود ولا أي خرابيط من هذا القبيل.

وسؤالي الأخير: هل يعتقد الحوثيون، مثلاً، أن بوسعهم البقاء طويلاً في سلطة اغتصبوها بقوة السلاح؟ هذا أمر بالغ الصعوبة ولا أعرف ما هو ضمارهم الذي يجعلهم واثقين من أن اليمن بلد بلا عيون وبلا ذاكرة وأن الشعب اليمني يمكنه أن يتعايش مع هذا الشكل الرديء من سلطة عجزت خلال تواجدها عن توفير أدنى مقومات الحياة؟!