محمد سعيد الشرعبي

محمد سعيد الشرعبي

تابعنى على

صداقات دائمة لا عداوات مريضة

Wednesday 01 August 2018 الساعة 04:46 pm

زلزلت الحرب كثيراً من قناعاتي المتصلّبة، وصوّبت اعتقاداتي الخاطئة، وحسّنت رؤيتي تجاه الأحداث، والأهم، غربلت قائمة أصدقائي إلى أبعد حد.

أظهرت الحرب معادن الرجال الأوفياء الأنقياء الذين أوجعتهم بغباء وعدم دراية، وأسقطت أقنعة الزيف عن أناس خدعت بهم، وتوهمت بأنهم أصدقاء ذات يوم.

قد يحزنك تنكر وجحود أصدقائك، ويغمرك الفرح عندما تجد من كنت تعدهم بالخطأ أخطر أعدائك واقفين معك برجولة دون علمك وبلا مقابل وبعيداً عن الحسابات الخاصة والسياسية.

وبلا شك، أتفهم مواقف صديق يتألم لما يطالك من ظلم وأفقدته الحرب وظروفها المخيفة وحساباتها المعقدة قدرته على نصرتك وأشغلته مواجع الحياة عن واجبه في إبعاد الأذى عنك.

على أية حال، ترسخت قناعة لديّ بأهمية الحرص على بناء صداقات متخففة من المصالح مع أصدقاء تجدهم معك في السراء والضراء، ولا تغير مواقفهم منك الخلافات والتباينات العابرة.

علمتني الحرب تجنب أصدقاء السوء والمصالح الذين يتكاثرون حولك أيام اليسر، ويختفون من أمامك وقت الشدائد، والحذر ممن تستشرف استعدادهم للخيانة والإساءة لك والتنكر لمواقفك في أول منعطف.

كما علمتني الحرب التعامل بذكاء مع الآخرين أياً كانوا، والفصل بين العلاقات الإنسانية والمواقف السياسية، وعدم الفجور في الخصومات، وتجنب الوشاية، والترفع عن التجريح والإسفاف.

والأفضل، أن يكون المرء واثقاً من ذاته، صريحاً في التعبير عن مواقفه، وقادراً على تصحيح الأخطاء، ويبني صداقات على أسس وقيم إنسانية خالية من المصالح والأهواء والحسابات السياسية.

بإمكاني تعديل حكمة تشرشل النفعية، إلى القول: "(صداقات) دائمة لا عداوات (مريضة)"، لأن الصداقات المتينة يطول عمرها، وأحقر العداوات تنشأ حين تنتهي المصالح وتبدأ المكائد والأحقاد.

هذا ما أحببت قوله متأخراً بمناسبة يوم الصداقة العالمي للأصدقاء بلا استثناء، وعلى وجه التحديد قلة أوفياء أظهرت لعنة الحرب أصالة معادنهم وشلة أعدقاء سقطت أقنعتهم وتأكد خبث مواقفهم.