سعيد بكران

سعيد بكران

تابعنى على

لصوص الأراضي.. تحالف ووحدة ووطنية

Tuesday 01 January 2019 الساعة 10:01 pm

ملف الأراضي ملف وطني، هو الملف الذي صنعناه نحن، شماليين أو جنوبيين، في الشمال أو الجنوب، هو الملف الوحيد تقريباً الذي يخلو من أي تدخل خارجي، إنه انعكاس لفشلنا في إدارة أمورنا بالحق والعدل والنظام والشفافية.

وما زلنا، للأسف الشديد، نعمق الفشل بتحويل هذه المعضلة الوطنية جداً إلى مادة مناطقية غبية لا لخلق الحلول وإنما استخفاف يظن أصحابة أنهم يضعفون خصومهم بينما في الحقيقة هم يجرون المجتمع لحفرة صراع أكبر وأعمق.

اليوم باتت مشكلة الأراضي تشكل خطراً على أمن واستقرار المدن كلها، إنها خطر لا يقل عن خطر الإرهاب..

لكن تناولها بالخفة والنفس المناطقي يزيدها قوة ويعطيها حصانة ويحول نتائجها إلى خامة صراع كبير.

هذه القضية هي نتاج تحالف وطني إداري يشترك فيه على المال جهات يديرها رجال من كل المناطق وفي كل المدن التي أصبحت فيها أسعار الأراضي بأرقام فلكية لا تصدق.

الارتفاع المهول في أسعار الأراضي له أسباب بعيدة عن المناطقية، وهو الدافع المنطقي لخلق تحالف الفساد، وهو الدافع أيضاً لحالة الجنون في عمليات البسط بالتحايل أو بغيره أو بالصفقات مع هذه الجهة أو تلك.

تحالف الفساد في ملف الأراضي، للأسف، أطرافه تبدأ من
مدراء المديريات وما يتبعها من رؤساء الأحياء، ثم يمتد إلى الهيئة العامة لعقارات الدولة، إلى مدراء المؤسسات الحكومية التي يقع عليها البسط.. ولا يستثني النيابة وحتى القضاء، ثم ينتهي بالعساكر في الأمن العام الموكل لهم تنفيذ ما تم تدبيره من الجهات الأخرى.

لقد وقفت على تفاصيل ملف أراضٍ في إحدى المدن واكتشفت كيف تآزرت كل هذه الجهات لمنح شخص واحد مخططاً في أرض تتبع مؤسسة حكومية مقابل عدد يزيد عن عشرين أرضية توزع لأطراف التحالف بمن فيهم مدير المؤسسة المعتدى عليها.

سطو أو استيلاء حملة السلاح أو العساكر المجرد من كل تلك الإدارات والجهات هو السطو الأضعف والذي يمكن هزيمته لأنه بلا غطاء ومنزوع الحماية.

للأسف، أطاحت مغانم الأراضي وأسعارها الفلكية بكل الجهات الإدارية، وأصبح البعض يستخدم إدارته كمحلل ومشرعن.

أشفق على المناطقيين في عدن تحديداً حين أجدهم مجتهدين لإثبات أن ابن المنطقة الفلانية التي لا تعجبهم هو وحده يفعل كل شيء.

فيأتي اليوم الثاني أبناء المنطقة المستهدفة بوقائع تتحدث عن سطو نفذه شخص من منطقة المستنكرين على صاحب البلاد..

وهكذا تصبح المسألة من نقاش للحلول إلى ملاطمة عمياء بين مناطقيين صغار العقول والأفق تملأ صدورهم الأحقاد.

لايتساءل هؤلاء المأزومون لماذا يسكت المتحالفون على الأراضي من كل المناطق على بعضهم البعض، ما السر؟
السر أن هذا الملف يحتاج تعاون عدة جهات لتحدث الصفقات وتتم...