محمد الغيثي

محمد الغيثي

تابعنى على

خارطة الطريق والفرصة الأخيرة .. الطريق إلى "أنابوليس" 

Sunday 10 February 2019 الساعة 02:43 pm

شاهد غالبية مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي كيف أخطأت قناة العربية بحق الجنوبيين وكيف اعتذرت في غضون ساعات، هناك تفاصيل كثيرة في هذا الأمر، وهناك أبطال مجهولون وضعوا بصمتهم، والأهم من ذلك كله هو وجود تجربة جديدة، استراتيجية جديدة في الموقف حتى وإن كان موقفاً آنياً؛ والسكوت على الباطل هو باطل آخر ومنكر جديد.

وبقدر إيماني بأن هذا لا يمثل إلا جولة قصيرة، معركة سجلنا فيها نصرا، لكنها ليست أم المعارك ولا (أم المواقف) .. وهنا دعونا نستخدم نفس الاستراتيجية على نطاق أوسع، حتى نرى موقفاً سياسيا أيضا، لما لا؟ ألسنا من نملك قضية سياسية عادلة، منها انطلق نضالنا وتضحياتنا وكل خسائرنا، ألسنا أيضا معنيين بحمايتها من كل الأخطار المقصودة وغير المتعمدة؟! يجب أن ترفع الأصوات؛ فالصمت لن يكون إلا طريقاً مختصراً للنهاية.

نحن في صراع غير قابل لأي حلول"تقليدية"، لذلك نجد أننا بحاجة إلى أدوات غير تقليدية وخطط غير تقليدية، ومصارحة غير تقليدية أيضاً.

ولكي لا نُساق يوماً ما الى "معسكر التوبة" (PAROLE CAMP) كما سيق أمريكيي الولايات الجنوبية إلى معسكر التوبه في أنابوليس (Annapolis) بعد الحرب الأهليه الأمريكية،  يجب ألا يكون صوتنا منخفضاً في أي مرحلة، فالسلام لن يكون بالنوايا الحسنة، إنما بخلق واقع جديد ومختلف؛ فلن يعترف بوجودنا الآخرين إلا عبر أدوات القوة التي لن يصنع هذا الواقع غيرها، القوة ليست في الجيش والأمن فقط، بل في كل شي، في كل ملف وفي كل قضية، وأنا هنا لا أتكلم عن استخدام القوة إنما عن ضرورة بنائها. 

هذا لا يعني أننا وحدنا من يجد نفسه مهدداً بمعسكر التوبة في ملف هذه الحرب التي تسبب فيها الحوثي والمؤتمر وجماعة الإخوان (الإصلاح)، وهذا ما يجب أن يدركه حلفاؤنا، فنحن وبفضل الله والتحالف العربي نمثل الحالة الأفضل في هذا المشهد .. وما أريد قوله هنا هو أن المواقف السياسية الخاطئة قد تؤدي بالكثير إلى "أنابوليس" وبكل بساطة.

اليوم يتسائل الكثير من الشباب الجنوبي - وأنا منهم - عن القراءات السياسية الخاطئة للسياسة الخارجية الجنوبية بين 1967 و 1990م، لكننا بدأنا نتسائل هل كان ذلك الجيل الجنوبي يمد يده إلى دول الجوار وخاصة المملكة العربية السعودية كما نمدها نحن اليوم، وهل كان تعامل الأشقاء في المملكة العربية السعودية مع الوضع الناشئ في الجنوب بعد الاستقلال عام 1967م هو  التعامل نفسه الذي يجري اليوم بعد نتائج حرب 2015م؟ هنا يتسائل أحد أصدقائي قائلاً: هذا يعني أنه قد فُرض على الجنوبيين في ذلك الوقت الذهاب بعيداً عن عمقهم السياسي والأمني، فهل صناعة الخصوم مصيبة مكتوبة أم (مهمة) يقوم بها أشخاص لهم أهداف خاصة؟! ولا ننكر حقيقة أننا بحاجة إلى من يمد يده إلينا؛ فنحن بكل صدق لا نريد الذهاب بعيداً، ونحن جادون في ذلك، فالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات دول شقيقة تمثل للجنوب عمقاً استراتيجياً لا غنى لنا عنه.
 
في كل أزمة نجد أن هناك فرص كبيرة إذا وُجد من يغتنمها قبل ضياعها، لكن سياسة استنزاف الحلفاء لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون في إطار اغتنام الفرص، بل هي مؤشر حقيقي على السير في طريق "أنابوليس" لا سمح الله.

لا مانع لدى الجنوبيين من الوقوف بمربع الأشقاء في المملكة العربية السعودية، بل تجاوزنا (اللا مانع) وهذه حقيقة، وأصبح (اللا مانع الجنوبي) مطالبة علنية ومؤازرة لجميع المواقف عن قناعة سياسية كاملة الأركان .. ولكن ..  وهنا يتسائل نفس الصديق، أين يقف من نريد الوقوف معه، ولا شك أن الموقف واضح والمربع من حيث الموقف واضح المعالم، لكن هناك ضرورة ملحة لمتابعة سير ذلك القرار أو الخيار، للتأكد من أن الخطوات تقود إلى المربع الآمن الذي تم الاتفاق عليه وبدء تنفيذه عشية عاصفة الحزم، نحن مع المشروع العربي المتمثل في كسر ذراع إيران (الحوثي) والجماعات المتطرفة وعلى رأسها تنظيم جماعة الإخوان وداعش والقاعدة. 

يجب ألا تُحجب سحب دخان معارك الجنوبيين ضد المشروع الفارسي عن صانعي القرار في الدول ذات العلاقة، فنحن وحدنا من أنجزنا وصدقنا في قتالنا، حين تلاعب الاخرون واستثمروا كل ما يمكن استثماره حتى (الكرامة) وما يزالون حتى اليوم، ومن غير المعقول أن تشكل بقع دماء المقاتلين الجنوبيين ضد الحوثي والإرهاب ازعاجاً ليتم تحسين شاشات الإعلام بشباب تربوا في حاضنة الإخوان وموجودين بمصر والرياض وعواصم أخرى، والكل يعرفهم، ليقوموا بدور ليس بدورهم، وليخدموا أجندة سياسية تعادي عدن والرياض وأبو ظبي والقاهرة.

 إن الوقوف في المكان غير الصحيح، لأي موظف مسؤول ومكلف، قد يودي بالمشروع إلى الهلاك، وهنا تكلمنا بشكل عام لكننا قد نتكلم بشكل خاص إذا أصبحت المواقف تمثل تهديدا وطنيا وطريقا لتمكين جماعة الإخوان في اليمن مع سبق الإصرار والترصد ... ! 

اليوم نحن بحاجة إلى مراجعة عاجلة لكل الملفات، مراجعة تشبه مراجعة قناة العربية لموقفها الخاطئ يوم أمس، ويجب أن تكون هذه المراجعات دائمة ودورية، ولابد أن المعالجات الناتجة عن هذه المراجعات لن تكون صعبة بقدر ما هي ضمان حقيقي لنجاح المشروع العربي وضمان حماية المنطقة وانظمتها وكياناتها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها.

* من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)