حكيم الجبلي

حكيم الجبلي

العنف وأدواته ليس مصدراً لشرعية دائمة!

Sunday 19 May 2019 الساعة 09:42 pm

حيازة أي نوع من "الشرعية" على جزء من اليمن، هي مسألة تختلف في متطلباتها عن أسس ومتطلبات حيازة "الشرعية" على كامل اليمن. والحفاظ على سلطة أمر واقع في نطاق جزئي من البلاد هي مهمة أسهل بكثير من الحفاظ على سلطة وطنية ممتدة في أرجاء البلد.

فكلما اتسع مجال سيطرتك، وجب عليك توسيع أفق خطابك ومشروعك السياسي تبعاً لذلك، وهذا يعني احتياجك لتنويع وإغناء مصادر شرعيتك. فالقوة وحدها أبداً لا تقوم مقام الشرعية الدائمة. أما أن يكون المشروع والخطاب أضيق من المساحة التي تستطيع بالقوة أن تشملها، فالخلل الناجم عن التناقض بين ضيق المشروع، واتساع المجال سيلتهمك ويلتهم مشروعك في وقت واحد.

ويستخلص الناقد والمفكر المغربي عبدالكبير الخطيبي، من أطروحة بن خلدون عن أهمية المجال الجغرافي والسياسي لأي مشروع للتوسع: "لا يمكن تشييد دولة بدون السيطرة على مجال حيوي لازم لتسييرها، إلا أن هذه السيطرة تخلق، أثناء نموها، شروط تحطيمها الذاتي".

وبناءً على ما سبق، فإنه حتى لو أنهى التحالف بقيادة السعودية حملته في اليمن، وحتى لو شط بنا الخيال وافترضنا أن الحوثي أعاد الكرة مرة أخرى، وتمكن من اجتياح البلاد من جنوبها إلى شمالها، فهو بلا شك سيجد نفسه، وبسرعة خاطفة، في مواجهة صنفين رئيسيين من التحديات، صنفين معروفين بالتجربة:

أولاً: الحقائق والشروط الموضوعية المحلية والإقليمية التي لاحظنا كيف أضعفت نظام الرئيس صالح، وهو المعروف بمرونته وقابليته اللامحدودة للتكيف والمساومة السياسية، نقصد مجموع الحقائق والشروط التي تفاعلت مع مرور الوقت وتآزرت للإطاحة به، خصوصاً بعد أن صادفت في موجة الربيع العربي اللقاح الذي كان ينقصها.

ثانياً: في ما يخص الحوثي، ستضاف إلى تلك الحقائق والشروط ما هو أدهى منها وأشد. بحكم مبنى جماعة الحوثي ومشروعها، ستواجه، حتماً، على مستوى اليمن، أضعاف الثغرات والمساحات والإمكانات التي كانت في عهد صالح تسمح بظهور حركات معارضة قوية، وحركات تمرد مدعومة من قوى إقليمية أو دولية، حركات شبيهة، من حيث النوع لا الكم، بتمرد الحوثي نفسه في صعدة ابتداءً من 2004، لكنها تختلف عنه بأن نشاطها يستمد شرعيته من لا شرعية الحوثي ونسقه السياسي الطائفي.