حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

المغترب اليمني والتحكيم القبلي في أوروبا وأمريكا

Wednesday 16 October 2019 الساعة 06:06 pm

هرب المهاجرون العرب والمسلمون الى الغرب بحثا عن الخبز والحرية، فوجدوا الخبز وها هم يكادون أن يفقدوا الحرية.

وما يهدد حريتهم ليس الأنظمة التي يعيشون في ظلها، وإنما التجمعات المغلقة التي حصروا أنفسهم فيها.

تحولت تجمعات العرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا إلى نسخ من مجتمعاتهم التي هربوا منها.. سلوكيات محافظة، حبس للمرأة، تجسس على سلوكيات الآخرين.

ورويدا رويدا عادت السلطات الدينية والعشائرية لتتحكم في المهاجر داخل مهجره (هذا حرام، وهذا لا يجوز، وهذا مخالف لتقاليدنا.. الى آخر الاسطوانة الصدئة).

أما وضع المرأة فهو أسوأ.. فهي محاصرة من أهلها ومراقبة من جيرانها وهي تدفع ثمن الحرية التي تضمنها تشريعات الدول الغربية، فكلما كان المجتمع حرا زادت الرقابة على النساء والحرمان من التعليم والعمل والخروج، حتى ان البعض يمنعون نساءهم من تعلم اللغة حتى تظل عاجزة عن الخروج والتعامل مع الناس.

وزاد الطين بلة أن اليسار الغربي والليبرالية الغربية بدأت تتعامل مع الأقليات كتجمعات ثقافية مغلقة، وبدلا من تشجيعها على الاندماج صارت تشجعها على التمسك بثقافتها المحلية وتكوين غيتوهات مغلقة تحت اسم التعددية الثقافية و"الصوابية السياسية".

وإذا ركزنا على وضع الجاليات اليمنية هناك فالصورة أشد قتامة، حتى ان تَخرُج فتاة من الجامعة او حصول أخرى على وظيفة عادية يتم التعامل معه كحدث تاريخي يستحق الاحتفال!

ولأن علاقة اليمني بالقانون متوترة أعادت التجمعات اليمنية بعث عادة "التحكيم القبلي" داخل المدينة الغربية نفسها، وصار لبعض التجمعات اليمنية "شيخ" قَبَلي يفصل في المنازعات ويحل الخلافات العائلية والمالية والشخصية ويقوم مقام القانون والمحامي والمحكمة.

أما لو اختلف الرجل مع زوجته أو توترت علاقتهما الزوجية، فشيخ الجامع هو الحكم بدلا من الذهاب إلى أخصائي نفسي أو اجتماعي.

أعاد المهاجر العربي-المسلم خلق الإشكالية التاريخية للتعارض بين الخبز والحرية داخل بلدان الحرية والخبز والكرامة.

فهل هذه قناعته، أم أن الاستبداد الديني والاجتماعي أصر على ملاحقته إلى ما وراء البحار؟

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك