عبدالباري طاهر

عبدالباري طاهر

تابعنى على

انتفاضة لبنان.. بداية النهاية للطائفية السياسية

Thursday 24 October 2019 الساعة 08:28 pm

بغتة وبدون أي توقع أو احتمال أو وجود بوادر، تتفجر براكين ثورة شعبية سلمية في لبنان من طرابلس في الشمال إلى بيروت: الشرقية والغربية ومن البقاع إلى الجنوب.

وبالقدر الذي تتجاوز الانتفاضة التخوم الطائفية والحدود والسدود، يتلاقى جماهير الشعب اللبناني متجاوزين المذهبية والطائفية المتجذرة لأكثر من مائة عام.

رموز الطائفية وحكماؤها وقفوا مبهوتين وهم يرون أتباعهم يخلعون نير الولاء وصكوك الطاعة والاستزلام رافعين شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" من مختلف الفئات والشرائح والتركيبة الاجتماعية تلاحموا وبدون موعد أو تخطيط أو تنظير منادين بسقوط الطائفية (رموز الفساد) هاتفين "كلهم.. كلهم".

كلمة كلهم هي مفتاح السر لفهم طبيعة الانتفاضة التي غمرت كل مناطق لبنان وشملت مختلف فئاته وشرائحه ومنتسبي طوائفه العديدة والكاثرة.

زعماء الطوائف، كل زعماء الطوائف، اختزلوا الوطن في الطائفة وجعلوا المذهب وطناً أو معادلاً موضوعياً وأساساً للشرعية ومصدرها.. يتفقون ويتوافقون على اقتسام الحكم.

وحاولوا أن تكون الطائفية والنظام الطائفي أزليا ويستحيل التفكير خارجه ولعب الاستعمار الفرنسي والتركي دورا كبيرا في التأسيس لهذا النظام، المتوافق على اقتسام الحكم وفي نشر الصراع الطائفي.

كعرب كنا ننظر إلى الديمقراطية في لبنان بعين القبول لأنها متنفس للنظام العربي الدكتاتوري، وكنا نرى أن الطائفية المعلنة والتعددية في لبنان أفضل وأرقى من الأنظمة الملغومة بالقبلية والطائفية والعسكرية في عموم الوطن العربي.

لبنان اليوم بعد الانتفاضتين الفلسطينيتين وبعد فجر الربيع العربي في تونس عام 2010 ومصر عام 2011 وبعد السودان وطن الانتفاضات منذ 64 و85 و2019م وهو الربيع الذي هطلت أمطاره في جل عواصم الوطن العربي.

انتفاضة لبنان تعزز الانتفاضة في الوطن العربي كله فهي تؤكد سقوط أنظمة الفساد والاستبداد وبداية النهاية للطائفية السياسية المرتدية أقنعة الدين والمذهب وبداية عصر جديد لا مكان لحكم الغلبة والقوة فيه.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك