محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

لماذا ابتهجت الشعوب العربية بمقتل قاسم سليماني؟؟

Tuesday 07 January 2020 الساعة 07:10 am

خرجت البلدان العربية من نير الاستعمار الغربي خلال منتصف القرن الماضي، وبدأت تبحث عن منطلقات تشكيلات الدولة القومية التي تحمل تطلعات الشعوب وآمالهم صوب المستقبل، واتخذ كل قطر عربي يشكل دولته سواءً كان العسكر من يديرونها، أو حكومات ملكية مطلقة ومشيخية تعبر عن التشكيلة المجتمعية لكل قطر من الأقطار العربية.

التحولات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط كانت إيران في خضمها تشهد انتقالاً من مرحلة الشاه إلى عمامة الخميني، وبدأت تتجه من الثورة في الداخل إلى تصديرها للدول المجاورة في محاولتها لخلق الحكومة الإسلامية التي يريدها الخميني، حيث بدأت بزرع الجماعات التي تعتنق مشروعها الطائفي في البلدان العربية وعملت على تغذيتها مادياً وفكرياً وتأصيل وجودها كوحدة من وحدات المجتمع.

إيران الخمينية تمتلك مشروعها الطائفي وتعمل بكل الوسائل لتثبيت أقدامها وتغلغلها في العقلية الشعبية العربية، ولأن المشروع الديني وسيلة سهلة للنفاذ إلى المجتمع، تمكنت إيران من بلورة بعض الأفكار الدينية التي من خلالها يمكن أن تستوعب الشعوب مشروعها بصورة لا تتسم بالحقيقة التي تخفيها إيران وراء تلك الأفكار.

عملت إيران على بناء عملائها وميليشاتها طوال الفترة السابقة، وجاءت أزمات 2011 فكانت مرحلة فاصلة في حياة الشعوب العربية، فاستغلت أزمات الشعوب وقامت بخلخلة بعض الدول من الداخل بالإرهاب والحروب ومزيد من الأزمات، وظهر المشروع الإيراني بشكل علني يحمل البندقية والطائفية ويدك المدن والقرى على رؤوس ساكنيها كما تفعل جماعة الحوثي في اليمن.

تلقت الشعوب العربية ضربات قاسية من الميليشيات الإيرانية وخاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، هذه الميليشيا التي تتحرك خدمة للمشروع الطائفي، دمرت الدول وسحقت الهوية الوطنية، وأوغلت في تفتيت الأواصر الاجتماعية، وعملت على إبراز الهوية الثقافة الإيرانية بشكل إجباري ومحو كل ما يتعلق بثقافات مكونات المجتمعات العربية.

قاسم سليماني هو الدينامو الإيراني الذي يحرك ميليشياتها في الوطن العربي، وعندما تمت تصفيته ابتهجت الشعوب العربية، لأنها -أي الشعوب- قد ضاقت ذرعاً من الموت والتشريد والعذاب والانتهاكات التي تمارسها تلك الميليشيا، ابتهجت لأنها رأت انكساراً ووجعاً يعتري النظام الإيراني وعملاءه في المنطقة.

ابتهجت الشعوب العربية بمقتل سليماني لأن إيران دمرت دولهم وأسقطتها في الظلام، ونشرت في كل المدن الكراهية والطائفية، وتوغلت في الحقد لكل ما هو عربي أصيل لا يخضع ولا يخنع للمشروع الفتنوي الطائفي والتمزيقي الذي تمثله إيران وعملاؤها.

ابتهجت الشعوب العربية لأول مرة ابتهاجاً ممزوجاً بالشعور والتوق لدحر وكسر هيمنة الطائفية والفوضى في بلادهم، ابتهاجاً باكتشاف القدرة على سحق إيران وعملائها في المنطقة وتمكين الشعوب من إدارة حياتها بشكل مدني سلمي يحمي سيادتها وكرامتها.

لا يهم أن طائرة أمريكية قتلت سليماني، الأهم هو أن إيران يجب أن تتوقف عن الإرهاب في بلداننا والتي تمارسه عبر أذرعها الميليشاوية، وإن أرادت أن تقيم علاقاتها مع الدول العربية فليس على حساب حياة الشعوب وثقافاتهم وهوياتهم، فالأصل في العلاقات الدولية هي المصلحة المشتركة.