د. مصطفى بهران

د. مصطفى بهران

كورونا ما بين العلم والخرافة!

Wednesday 05 February 2020 الساعة 02:20 pm

العلم والحقيقة باختصار:

إن هذا الفيروس المستجد من فئة كورونا (2019-nCoV) هو عمليًا عبارة عن مرض حاد في الجهاز التنفسي، ومثله مثل كل الفيروسات السابقة المشابهة بما في ذلك فيروس الانفلونزا العادية قد يؤدي إلى الوفاة خاصة لدى ذوي أجهزة المناعة الضعيفة بما في ذلك كبار السن ومن لديهم ظروف صحية حادة أو مزمنة سابقة للفيروس (80٪؜ من الوفيات فوق عمر الستين).

وبحسب تقرير  منظمة الصحة العالمية اليومي الذي كان آخره يوم أمس 3 فبراير، فإن نسبة الوفيات لا تتعدى 2٪؜ من الحالات المصابة، وقد بلغ عدد الوفيات في العالم حتى نهاية يوم أمس 361 حالة وفاة في الصين وحالة وفاة واحدة خارج الصين، أي إجمالي 362 حالة وفاة فقط من 17238 حالة إصابة في الصين و153 خارجها في 23 بلداً بإجمالي 17391 إصابة حول العالم.

ونسبة 2٪؜ ليست رقماً مخيفاً على الأقل بالمقارنة مع الحالات السابقة المشابهة مثل فيروس سارس، ولكن لدينا مشكلة كبرى هذه المرة مع كورونا المستجد، مشكلة مقلقة عالميًا، وهي التي أدت إلى انتشاره السريع في الصين.

فكل يوم يتم اكتشاف حوالى 3000 حالة جديدة كلها في الصين ما عدا حالات فردية تعد على أصابع اليد خارجها، منها 50 إلى 60 حالة وفاة جديدة كلها في الصين.

وتتركز الإصابات في الإقليم المنكوب، فنجد مثلًا أقل من 200 حالة فقط في كل من مدينتي بكين وشنغهاي مع أنهما من أكبر مدن العالم سكاناً.

المشكلة الكبرى هذه هي أن المصاب يعدي غيره حتى قبل ظهور أعراض المرض عليه، أو إذا لم تظهر أساساً، والفيروس صيني المنشأ ولا قلق على أي إنسان في الكون إلا إذا احتك مع شخص مصاب قادم من الصين، أو مصاب ثانوي أو ما بعده من الأشخاص الذين احتكوا مع مصابين قادمين من الصين ومن ثم أصبحوا هم حاملين للعدوى وهكذا.

إجراءات الوقاية منشورة ومعلنة وتستطيعون الحصول عليها من موقع منظمة الصحة العالمية مباشرة، وأنصح بعدم الاعتماد على القنوات الإعلامية ووسائط التبادل الاجتماعي في الحصول على المعلومات الصحيحة بل أخذها عبر الإنترنت من مواقع صحية عالمية رسمية مثل منظمة الصحة العالمية أو مركز السيطرة على الأمراض الأمريكي (CDC) وأمثاله في العالم المتقدم بما في ذلك مواقع الحكومة الصينية التي تقوم بعمل خرافي في مجابهة هذا الوباء ولها منا سكان الأرض كل التحية.

الخرافة باختصار:

الخرافات مصدرها إما ثقافي أو ديني (الاثنين معاً في كثير من الأحيان)، وكل الشعوب والملل لها خزعبلاتها وخرافاتها، ويهمنا هنا على وجه التحديد الخرافة العربية والإسلامية.

فمنذ ظهر هذا الوباء تمطرنا صفحات الإنترنت العربية والإسلامية بقدر لابأس به من الغباء المفرط خزعبلاتياً وخرافياً، غباء مثل اعتماد الدعاء كوقاية أو علاج وهذا خلط للأوراق ليس إلا، لأن الدعاء جميل لمن يقوم به ومريح للقلب والوجدان، أي أنه روحي وليس مادي، ولا قيمة له فعلية على الإطلاق في مقاومة الوباء أو العلاج إلا ربما في استجابة الخالق للداعي في أن يهديه للاستعانة بالعلم وليس الخرافة في هذا الشأن، أو غباء وصفات ما يسمى بالطب النبوي (هذا محض تدليس قبيح على خلق الله وعلى رسول الله في نفس الوقت، فلم يكن محمد بن عبدالله -ص- طبيباً ولا علاقة له بالطب لا من قريب ولا من بعيد، ولم يكن يوجد طب في زمنه أساساً)، أو خزعبلات وغباء أن الوباء عقاب من الله سبحانه وتعالى وهذا اعتقاد يسبب القرف ويعكس شخصية المعتقد الشريرة ليس إلا (هو الذي يريد أن يكون هو بنفسه الإله حتى يقوم بعقاب الناس) لأن الفيروس لا يفرق بين خلق الله أياً كان عرقهم أو جنسهم أو دينهم الخ.

 وهذا القول يساوي قول غبي آخر من هذا النوع بأن الله ما زال يعاقب العرب خاصة والمسلمين عامة من قرون بسوء الحاكم وبشيوخ الدين والدجالين وبالفقر والمرض والجهل والتخلف والحروب والمجاعات ووووالخ.

وبالمثل فإن أي تعامل مع قضية الفيروس خارج نطاقها العلمي بحثاً ودراسةً والطبي وقاية وتشخيصاً وعلاجاً ليس إلا محض غباء وتخلف وقرف خرافي وخزعبلاتي قد يؤدي بصاحبه إلى الهلاك وسوء العاقبة!

وضع طلاب اليمن في الصين:

تعالت أصوات الناس مشكورين مطالبة الحكومة (ليست حكومة حقيقة ولكن هكذا اسمها) بإخلاء الطلاب اليمنيين من مدينة ووهان، والحقيقة أن المطالبة لا بد أن تتضمن أيضًا اليمنيين من غير الطلاب المتواجدين هناك، والمشكلة ليست فقط عجز الحكومة في أن تدبر لهم طائرة، بل تدبير معسكر للحجر الصحي خارج اليمن لمدة لا تقل عن اسبوعين للتأكد من خلوهم من الفيروس، وللعلاج الناجع إذا تطلب الأمر، فلا يمكن أن يكون هذا المعسكر في الداخل فلا طاقة للداخل بهكذا إجراءات، ونقلهم إلى الداخل بدون فترة حجر صحي مخاطرة عظمى (كل الداخل بدون استثناء)، ولذلك لا بد أن يكون معسكرا في دولة صديقة بدعم دولي.

جنبكن وجنبكم الله الغباء والوباء معاً وطيب أوقاتكن وأوقاتكم أجمعين.

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك