محمد عبدالرحمن

محمد عبدالرحمن

"إخوان" و"حوثي" عدوان مشتركان لا يمكن الفصل بينهما

Wednesday 12 February 2020 الساعة 07:14 pm

مجتمع بأكمله تداعت عليه كل موبقات الجماعات الدينية، وانهالت على رأسه كل شرور ما بعد سقوط الدولة، تطوف على كل البيوت أحزان اليتامى، وتستكين أصوات الوجع خوفاً من أن يعتبرها الحوثي وميليشياته مقاومة ليشتد بطشه ويطلق أنيابه تتوغل أكثر في الجسد المثخن بآثار التعذيب. 

 

يقتلونا رويداً رويداً، ويصبون كل حقدهم في معيشتنا، نهبوا المساعدات بعد أن سرقوا المرتبات، وأبقوا أفواهنا مفتوحة تستنجد الطعام، أثخنوا الجراح فينا كي لا تتحرك أقدامنا وتستيقظ عقولنا من غفوتها، أحرقوا أحلامنا بخبث أفكارهم في عقول الأطفال وبعض الذين رأوا الجنة في فوهة بندقية "السيد" ولم تتَح لهم فرصة اكتشاف السراب الذي رأوه. 

 

فرصة أتيحت لك يا عبدالملك تنهال فيها علينا بكل حقدك وغرورك وبطشك الذي ورثته عن أجدادك وأسلافك الذين اغتصبوا حكم اليمنيين، هذه الفرصة التي فتح لك أبوابها جماعة "الإخوان" وأمدتك بالأموال والوقت، وبذلت جهودها في بقائك واستمرارك، لتمارس معها "البغاء" وامتصاص دم الشعب، وسلب الهوية الوطنية. 

 

نعرف جيداً من يجترنا إلى مزيد من العذابات والانكسارات، وندرك أن لولا "الإخوان" واحتضان المملكة لهم في فنادقها، لكانت اليوم صنعاء جمهوريةً تعانق الحرية والمحبة، ولكان الحوثي وزبانيته قد طمرتهم عنفوانات المجتمع، وطويت صفحة ملطخة بالدم والظلم والجهل، لكن الأمر أخذ وقتاً ليدرك الناس أن خلف العدو"الحوثي" عدواً يتمظهر بالصديق"الإخوان". 

 

نعيش بأتعس مقومات الحياة، لا مياه تروي ظمأً ولا غذاء يسد جوعاً، ولا دواء تستطب به الجروح، لا مرتبات تقي الناس حياء السؤال وانكسارات الواقع المرير، دون كهرباء نحتسي أوجاعنا، وزد فوق تلك الضائقات تقطيع أوصال الإنترنت، لتضييق حالة التنفس لدى المجتمع واختطاف حرية التعبير والاطلاع على نمط الحياة الكريمة لدى الشعوب الأخرى.  

 

"الإخوان" و"الحوثي" كغيرهم من الجماعات المتطرفة، ترعبهم حرية التعبير، ويخافون من نور التعليم، ويتعوذون من وعي الناس، لذلك اتفقوا على خنق ما تبقى من المجتمع، عبر كل الوسائل، وليكن ذلك بهدوء، قطعوا الإنترنت، كي لا يهرب صوت آخر نفس ليثير ضجة في شعوب العالم ويلفتها إلى موت شعب بأكمله خنقاً بيد الشياطين. 

 

ونتمرغ نحن في وحل "الإخوان" و"الحوثي" ونحتسي كل آلام الشعوب في العصور الوسطى، ونجلس على نفس الخوازيق، وتصلينا كل تلك الحرائق، ونتدلى على كل المقاصل، نريد الحياة فيتهموننا "بالهرطقة"، نريد إنترنت فيلصقون بنا تهمة العمالة للشعوب الأخرى، نقول لهم يكفي سجونا وتفجيرا وتدميرا وإرهابا، فيصفعوننا بتهمة التجرؤ على الله، لقد زادوا على جماعات تلك القرون بأنهم أكثر وقاحة وأكثر إمعانا في إركاع اليمنيين من أجل أن يحكموا ويسلبوا ويسرقوا، أمام أعين الحكومة العالمية. 

 

كنا نقاوم عدواً واحداً يدّعي الاصطفاء الإلهي، وكلما اقتربنا من دحره عاد من جديد بشكل أقوى، ولم نكتشف أن عدواً آخر كان يبكي من أجلنا حتى ظنناه في صفنا، كان يسنده ويعينه ويمنحه المال والوقت والمزيد من دمائنا، نختنق أكثر وأكثر، ولا مجال هنا إلا لمقاومة كل الأعداء الذين اتحدوا سراً وعلانية في هتك حياتنا ودولتنا ومستقبلنا، ولا يمكن هزيمة الأول إلا إذا كُسر الثاني وتوقف عن دعمه ومساندته.