د. فاروق ثابت

د. فاروق ثابت

عن مبارك وصالح والإخوان!

Wednesday 26 February 2020 الساعة 04:50 pm

إذا ثمة من سيتحسر على الرئيسين مبارك وصالح، فيجب أن يكون الإخوان المسلمون، لأن وضعهم كان أفضل بكثير من وضعهم الآن، على الرغم من التشديدات التي كانت ضد الإخوان في مصر إبان مبارك إلا أن وضعهم الآن لا يقارن بمبارك مطلقاً، مثلما لا مجال للمقارنة بوضع إخوان مصر بإخوان اليمن إبان فترة الرئيس صالح الذي ما يزالون ينعتونه إلى الآن ب"المثلج"، ففي عهده كانوا يمارسون أنشطتهم السياسية بحرية تامة ومتواجدين في كل مفاصل الدولة ومنافسين أقوياء في البرلمان، إضافة إلى أنشطتهم التجارية والاستثمارية التي مارسوها دون قيود في الوقت الذي كانوا كجناح تكويني للمؤتمر الشعبي العام تم إخراجه ككيان رديف للمؤتمر بعد إعلان الوحدة كأحد الأحزاب المنافسة تابعة للمؤتمر وباسم آخر، وبقيادة عضو اللجنة الدائمة للموتمر الشعبي العام الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر..

حتى تحول حزب الإصلاح بعد وفاة الأحمر إلى جهاز إعلامي تابع للشيخ حميد وأدخل في مهاترات مع حزبه الأم الذي من المفترض أنه انبثق منه، وتحول من حزب سياسي إلى بوق للمكايدة وتصفية حسابات شخصية مع رأس حزب المؤتمر واستهدافه بشكل مباشر في الوقت الذي كان من المفترض ان يكون الحزب ساعيا لتنفيذ برنامجه الانتخابي وقدوة تنظيمية وسياسية كونه ثاني اكبر الاحزاب في اليمن بما في ذلك التصرف بحكمة بما لا يضر بمصالح التنظيم ومصالح اليمنيين عامة، كون الإصلاح حزبا جماهيريا يمنيا مخولا للعمل السياسي وفق الدستور وممثلا في البرلمان وله شعبيته.

في مصر زادت زرّة الإخوان بعد أن تمكنوا من تغيير مبارك، ولجأوا إلى إقصاء الشركاء فثار عليهم الناس بمن فيهم شركاء الثورة معهم وتسببوا في جلب السيسي الذي جعلهم يتندمون على أيام مبارك.

الثورات والطموح للتغيير سنن كونية لكنها تتحول إلى فوضى إذا غلبت مصالح الفئة أو الجماعة على مصالح الوطن.

عندما صعد نيلسون مانديلا كرسي السلطة بعد ان ثار الجنوب افريقيون ضد طغيان البيض، اول قرار اتخذه هو العفو عن البيض، باعتبارهم مواطنين مثلهم مثل غيرهم من السود دون زيادة أو نقصان ووفقا للدستور والقانون الجنوب إفريقي..

وكان هدفه من وراء ذلك بناء دولة تسودها قيم التسامح والسلام، بعيدا عن الفوضى والدم والثارات وهذا ما تحقق بالضبط وهو الهدف الذي ناضل من اجله ودخل بسببه السجن لعقود وهي المساواة.

لكن الاستعلاء ومنح الافضلية لجماعة دون اخرى والإقصاء لدى العنصر العربي هو السلاح الاوحد ضد اخيه ان تمكن وهو سبب كل البلاء بهدم رأس المعبد على الجميع كما حدث في دول عربية عدة بينها اليمن.

هناك تصادم بين هدف الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية مع رؤية الافضلية الدينية للفئة أو الجماعة دون الاخرين لاعتقاد الارتباط بالدين، وهذا امر لا نقاش فيه، وهذا الامر يقوم على أيديولوجيا ان الجماعة هي على حق مطلق وإن اخطأت، والبقية هم على باطل مطلق وإن احسنوا، لذلك تظل الجماعة في مسير نسج العداء وفي معركة الجهاد الدائم والابدي حتى الانتصار على الخصوم الذي لا يمنع الاعتقاد الأيديولوجي بالحكم انهم كفرة.

وهذا المشكل يعد احد اكبر بذور فناء هذه الجماعات تحملها معها منذ تأسيها ويعد كذلك احد هوادم الدولة المدنية والتعايش، لذلك سرعان ما انفرط العقد لدى الإخوان بمجرد ان كانوا امسكوا بزمام الامر لأن ثمة خللا كارثيا في البنية الفكرية والعقيدية للتفاهم في اطار المواطنة المتساوية قائما على الاعتبار الأيديولوجي الذي يفضل الجماعة ويحقر الاخرين إن لم يكن يكفر ناهيك عن غياب المشروع الجامع القائم على بناء دولة يتفاهم فيها الجميع تحت ظل الدولة والنظام والقانون ولكل منهم ممارسة طقوسه السياسية وفق الدستور والقانون أيضا..

أما عن المسألة الحوثية، فالأمر واضح ولا يحتاج للنقاش عن جماعة كهنوتية إجرامية وأيديولوجية تعيش خارج العصر.