أحمد أحمد غالب

أحمد أحمد غالب

تابعنى على

كارثية وضع الاقتصاد اليمني (دق ناقوس الخطر)

Tuesday 07 April 2020 الساعة 09:32 pm

الاقتصاد اليمني في وضع كارثي بدون كورونا فكيف سيكون الوضع، لا قدر الله، مع انتشار الجائحة؟

هذا المنشور القصير، فقط للتنبيه ودق الجرس.

في ظل انقسام المؤسسات، وتضارب السياسات وضياع الموارد، ودخول اقتصاديات العالم في مرحلة ركود تضخمي، وانشغال دول العالم بأمورها الخاصة وتخلي الدول عن أقرب الحلفاء وظهور سلوك أناني مفرط مجرد من الإنسانية. أبسط مظاهره الاستئثار بمواد الوقاية من فيروس كورونا ممثلة بالكمامات والمواد المعقمة وبعض الأدوية. وظهور زعماء كبار يهددون من يمنعهم منها وهم أنفسهم يمنعون تصدير تلك المواد.. فماذ سيكون وضعنا نحن في الجمهورية اليمنية التي تعيش بدون موارد ولا إدارة، ولا إرادة للتعامل مع هذا الوضع الاستثنائي وغير المسبوق.

بعجالة سريعة وبإيجاز شديد إذا بقينا على هذا الوضع دون تحرك ومن الآن، نحن مقدمون على كارثة مأساوية ومجاعة حقيقية حتى لو لم يصل إلينا الفيروس. وندعو الله أن لا يصل.

* الوديعة السعودية على وشك النفاد، والتي كانت تغطي تمويل استيراد المواد الأساسية بمكونها الأجنبي الذي يباع للمستوردين بأسعار تفضيلية. وبمقابل ذلك المكون من العملة الوطنية يتم تغطية جزء كبير من المرتبات.

* بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية العالمية والهبوط الحاد في أسعار النفط بسبب حرب الأسعار، لا يبدو في الأفق على المدى القريب أن هناك إمكانية لتجديد الوديعة السعودية، وأرجو أن أكون مخطئاً، لأن عدم التجديد ستكون آثاره كارثية ومدمرة.

* بسبب الأوضاع في بلدان الاغتراب لليمنيين، وأهمها حالة الطوارئ والحجر في المنازل ووقف كافة الأعمال، سيكون وضع مغتربينا كارثياً عليهم، كأشخاص وأسر، وعلى من يعولون في اليمن وعلى البلد بشكل عام. حيث ستهبط، إن لم تنقطع كليًا، تحويلات المغتربين والتي كانت تشكل أكبر مكون للدخل من العملات الصعبة (التقدير المتحفظ يتراوح بين 3-4 مليار دولار بالعام) وتأثر دخل مغتربينا وتحويلاتهم لن يكون فقط بسبب توقف أعمالهم الخاصة وحظر الحركة، ولكنه أيضا سيستمر إلى ما بعد ذلك، بسبب انخفاض موارد البلدان التي يعملون بها خاصة البلدان النفطية وتوقف كثير من مشاريعهم وخططهم.

* تأثر المساعدات الإغاثية، والتي تعتبرها الأمم المتحدة أكبر برنامج إغاثي عالمي ورغم ما يشاع عن فساد في إدارتها ووسائل توزيعها، ووصول جزء كبير منها لغير مستحقيها، لن تكون مساهمة الدول بالحجم ولا بالسخاء المعهود التي اعتادت أن تقدمه خلال الفترة السابقة. وحتما سيكون له أثر سلبي على جزء كبير من السكان الذين يستقبلون بعض تلك المساعدات مما سيفاقم الأوضاع الكارثية ويدفع بأعداد مهولة إلى المجاعة وفقر الغذاء.

* الموارد الوطنية الأخرى وضعها معروف وكارثي من حيث الإدارة والتحصيل والاستخدام. ولا أعتقد أن هذا الوضع سيتغير على المدى المنظور في ظل الأوضاع القائمة إلا بمعجزة.

* بعض الأحداث التي شهدتها بلادنا خلال العام الماضي أنشأت على الدولة التزامات كبيرة خاصة في جانب المرتبات، تفوق الإمكانات المتاحة التي تعجز عن الوفاء بالالتزامات السابقة والتي تحتم على الموظفين المدنيين والعسكريين الانتظار لأشهر عدة لمرتب واحد ناهيك عن الافتقار للنفقات التشغيلية للمرافق الأساسية، لان الكل يبحث عن الاعتمادات والمخصصات ولا يساعد إن لم يعطل تحصيل الإيرادات.

* في حال -لا سمح الله- وانتشر الفيروس في اليمن فإن كل المعالجات التي اتبعتها الدول لن تكون ممكنة في بلادنا، فمعظم الشعب يعتمد على الدخل اليومي، أو المرتب وفقًا للمتاح من الموارد، وأي توقف يعني الموت جوعًا، لأن معظم السكان استنفدوا كل ما يملكون لمواجهة احتياجاتهم الضرورية خلال سنوات الحرب ولم يعد لديهم أي فائض، كما أن مرافقنا الصحية مدمرة وفقيرة لكل الإمكانيات، وكوادرنا الطبية ليست مؤهلة للتعامل مع هذا الفيروس ولا تملك وسائل الوقاية منه ولا أدوات التشخيص حتى الأجهزة التي استلمت من منظمة الصحة العالميه أعلن أنها لا تعمل، ومحاليل الفحص التي وصلت تكفي لعشرات فقط.. ولكم أن تتخيلوا أي كارثة نحن مقدمون عليها وكيف سنواجهها ونحن بهذا الشتات وفقر الموارد والإمكانيات.

* أي محاولة ولو كانت جادة ومخلصة من أي طرف لن تكون مجدية في ظل انقسام المؤسسات وتعارض السياسات وتشتت الجغرافيا. وبدون إجراءات موحدة وشاملة وصادقة وتكاملية تنشد الخير والسلامة لكل البشر والجغرافيا اليمنية لن يساعدنا الله ولن يستطيع أحد مساعدتنا.

وفي ظل هذه الحقائق المفجعة، وبعيداً عن التوصيف السياسي والوقوف عند المصطلحات والتشدد حول الألفاظ. هل نامل كيمنيين أن يصغي الفرقاء جميعهم إلى صوت العقل ونذر الكارثة ويبادروا للاتفاق على صيغة ولو موقتة، بتوحيد الجهود وتعبئة الموارد وتوجيهها نحو التخفيف من آثار كارثتي الجوع وجائجة الفيروس لإنقاذ الإنسان اليمني المنهك، والذي لم يعد قادراً على مزيد من الاحتمال، وبمساعدة وإشراف أممي ولو مؤقتاً حتى تمر نُذر الجائحة ثم نعود لقتل بعضنا وتدمير مقدراتنا إن لم نشبع بعد. فقط، فاصل ونواصل..؟!