حسين الوادعي

حسين الوادعي

تابعنى على

نحن متخلفون ولسنا مختلفين!!

Thursday 07 May 2020 الساعة 01:21 pm

نحن متخلفون ولسنا مختلفين، ولا تصدقوا أعذار العادات والتقاليد والهوية والخصوصية التي نحاول بها تجميل تخلفنا.

نحن هكذا ليس لأن هذه طبيعتنا أو خصوصيتنا.. نحن هكذا لأننا تخلفنا عن العصر وتخلفنا عن جيراننا وإخواننا من بني البشر.

نحن متخلفون 700 سنة في تطورنا الإنساني وهي المسافة التي تفصل بيننا وبين عصر النهضة الذي اسس قيم الإنسانية والإبداع والتحرر.

نحن متخلفون 600 عن التطور العلمي، وهي المسافة التي تفصلنا عن الثورة الكوبرنيكية والتفكير العلمي والبحث العلمي المتحرر من الاسطورة والخرافة.

نحن متخلفون 500 في ضميرنا الديني، وهي المسافة التي تفصلنا عن حركة الإصلاح الديني اللوثرية، وإلغاء سلطة رجال الدين، وتحويل الدين إلى التزام فردي شخصي لا نظام حياة شامل. 

نحن متخلفون 400 سنة عن فصل الدين عن الدولة وإلغاء اخر أشكال الإمبراطوريات الدينية والحكم الديني، وهي المسافة التي تفصلنا عن معاهدة وستفاليا التي أسست للدولة القومية المبنية على المواطنة لا على العقيدة.

نحن متخلفون 400 سنة في ضميرنا الأخلاقي، وهي المسافة التي تفصلنا عن القيم والأخلاق العلمانية الحديثة التي بدأت تتشكل في عصر العقل في القرن السابع عشر الأوروبي.

نحن متخلفون 300 سنة في حياتنا العقلية وقدرتنا على التفكير، وهي المسافة التي تفصلنا عن عصر التنوير وقيم العقلانية والحرية وسيادة الإنسان على الطبيعة والإيمان بالمستقبل.

نحن متخلفون 250 سنة في وعينا بحقوق الإنسان وايماننا بحريته وكرامته، وهي المسافة التي تفصلنا عن اول ميثاق لحقوق الإنسان قبيل الثورة الأمريكية.

نحن متخلفون 200 سنة في تفكيرنا السياسي، وهي المسافة التي تفصلنا عن قيم الثورة الفرنسية الثلاث: الحرية والاخاء والمساواة، في مواجهة الاستبداد الديني والسياسي والاجتماعي.

نحن متخلفون 150 سنة عن الثورة الصناعية التي نقلت البشرية من حالة الاعتماد على الطبيعة والزراعة إلى امتلاك ناصية الإنتاج والوفرة والرخاء.

نحن متخلفون 100 سنة عن الثورة الديمقراطية التي أسقطت الأنظمة الاستبدادية في أوروبا وشكلت أوسع موجة من الملكيات الدستورية والجمهوريات الديمقراطية.


نحن متخلفون 50 سنة عن التجارب النهضوية للامم الفقيرة من سنغافورة إلى ماليزيا وكوريا الجنوبية وفيتنام وهونغ كونغ.


إن حالتنا الحاضرة ليست نابعة عن عروبتنا أو ديننا أو هويتنا.. إنها حاصل جميع كل مستويات التخلف المذكورة سابقة.

تخلف متراكم طبقات بعضها فوق بعضها، من كثر الطبقات المتراكمة طمرت الحقيقة وصرنا نعتبر تخلفنا اختلافا، وانحطاطنا مقاومة للغزو، وحالتنا البائسة نموذجا للتمسك بالقيم!

وعندما نعي أننا نعيش في لحظة واحدة طبقات وتراكمات الماضي المزري الذي خرجت منه بقية الأمم، سنبدأ رحلة النهوض!

                                                                

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك