صلاح السقلدي

صلاح السقلدي

تابعنى على

مفارقات مريرة

Tuesday 16 June 2020 الساعة 09:48 pm

منذ عام 2014م وحتى اللحظة نرى كل القوى الشمالية -على اختلافاتها العميقة- مجمعة على تجنيب صنعاء الدمار والفوضى... موقف يستحق الاحترام، بصرف النظر عن أي اعتبارات.

وبعض الجنوبيين يتمنون إسقاط عدن وتدميرها وسحق من فيها، مقابل بعض الشماليين الذين يخجلون من تأييد اقتحام المدينة، برغم رغبتهم في حدوث ذلك، لكن الخجل والظهور بمظهر المتغطرس الغازي يحــوْل دون الجهر.

* * *

قال انقلاب قال

قالوا أنتم انقلابيون لأنكم انقلبتم في صنعاء عام 2014م وفي عدن عام 2020م، واطحتم في الحالتين برئيس وحكومة منتخبة هو الرئيس هادي وحكومته.

حسنا، فالقذة بالقذة، وكما تدين تدان، فإن كان الأمر على هذا النحو، فقد سننتم ذات يوم سُـنّــة لما بعدكم وكنتم أول الانقلابيين حين انقلبتم على رئيس وحكومة منتخبة في عام 2011م هو الرئيس صالح الذي لا تستطيعون أن تنكروا بأنه رئيس منتخب باعترافكم المطلق بانتخابه وبشرعية رئاسته، بل وكان ذات انتخابات هو مرشح حزبكم الأول والوحيد من قبل حتى أن يكون مرشح حزبه (المؤتمر الشعبي العام) في انتخابات 1999م.

وفي الانتخابات التي تلتها 2006م كان هو الجني الذي تعرفونه خير من الإنسي الذي لا تعرفونه.

ومع ذلك انقلبتم عليه، وكنتم بذلك أول الانقلابيين بامتياز وفقا لتعريفكم للانقلاب وللانتخابات.

مع فارق أن انقلابكم على الرئيس صالح قد تم وهو ما يزال في فترة رئاسته الشرعية، فيما الانقلاب -الافتراضي- على الرئيس الذي اتى بعده قد حدث بعد انقضاء فترة رئاسته، هذا فضلا عن أن طريقة وقانونية انتخاب صالح كانت سليمة ودستورية ولو بحدودها الدنيا -بصرف النظر عن الديمقراطية الشكلية- فتلك الانتخابات على علاتها- قد التزمت بأدنى قواعد العملية الدستورية والقانونية حين تنافس فيها اثنان من المرشحين، فيما وصول الرئيس الذي أتى عام 2012م قد تم بطريقة لا تمت للانتخابات بصلة لا من قريب ولا من بعيد، فأي انتخابات هذه التي ينافس فيها شخص نفسه، ويفوز فيها على ذاته؟

ومن نافلة التذكير نقول إن الانقلاب على المشروع الوحدوي وعلى دستوره بحرب عام 94م كان أبو الانقلابات وملهمها...!

هذا فيما يتعلق بالشمال، أما في الجنوب فلم يحصل فيه انتخابات من أساسه، فقد كانت المقاطعة سيدة الموقف في الحالتين، فهو أي الجنوب قد قاطع تلك الانتخابات بشكل كلي، لخصوصية الوضع فيه منذ احتلاله عام 94م.

وبالتالي فالقول إن ما حصل عام 2020م في عدن هو انقلاب فهذه مغالطة صارخة ولا تمت للحقائق والوقائع بأية علاقة.. فلم يكن انقلابا أبدا لسبب بسيط وهو أن الانقلاب وفقا لتعريفكم هو السيطرة على مقاليد السلطة أو استعادتها من الغير، وهذا ما لم يحصل ولم يزعم أحد في عدن أن هذه هي غايته بما فيهم خصومه الذين يتهمونه بالسعي للانفصال وليس للظفر بالسلطة، حيث إن الجنوبيين لم يسعوا لانتزاع سلطة بل لاستعادة وطن، ولم يقولوا إنهم استعادوا سلطة مغتصبة في التواهي ومعاشيق من الاحتلال بل يقولوا إنهم استعادوا جزءا من وطن مسلوب، جارٍ استعادة بقيته، بعد أن أغلق الطرف الآخر طيلة ربع قرن بوجوههم كل أبواب الحلول الممكنة ورفض كل المبادرات المطروحة، وأوصد أمامهم كل أبواب التسويات السياسية العادلة، ويستميت اليوم بكل صفاقة لفرض مشاريع سياسية جائرة قد عفى عليها الواقع وتجاوزتها الأحداث.

ومع ذلك سنفترض أن ما حصل بعدن هو انقلاب فسنقول ما قلنا بشأن الانقلاب في صنعاء، بأن للجنوبيين الحق في الانقلاب الذي يستعيد حقوقهم مثلما للآخرين ذات الحق وذات المبرر الانقلابي نفس الوسيلة حين استخدموا الانقلاب وسيلتهم ومبررهم ليس لاستعادة وطن بل لاستعادة سلطة وكرسي وزارة،- هذا طبعا في حالة أصر البعض على استخدام كلمة انقلاب-.

ثم بالله عليكم إن كنتم فعلا قد تعرضتم لانقلابيَــن متتالين خلال ثلاث سنوات، واحد أطاح بكم من صنعاء وسلب منكم الشمال، والآخر طردكم من عدن وانتزع منكم الجنوب فماذا بقي لكم من زعم حتى تقولوا إنكم ما زلتم سلطة وحكومة تمثل اليمن كله، وتسيطر على 85% من الأرض؟!

* جمعه نيوزيمن من منشورات للكاتب على صفحته في الفيس بوك