حور عادل العاقل

حور عادل العاقل

تابعنى على

يُفرغون الثورة من محتواها ويحتفلون بها؟!

Sunday 27 September 2020 الساعة 04:31 pm

الثورة قامت ضد الطغيان.. ضد الاستبداد.. فلا طغيان انتهى.. ولا استبداد اندحر.

فاليوم نعيش كل معاني الطغيان والاستبداد من اطراف تظهر للشعب أنها حاميه وهي بالأصح حراميه.

فاليوم أصبحنا نرى من ينهب قوت يومنا ورواتبنا ولا نستطيع التفوه ضده بكلمة.. يُمارسون استبدادهم علينا ويحتلون بيوتنا ولا حياة لمن تنادي.. يطغون علينا ويسجنوننا ولا نستطيع التحرر منهم.. فلم يعد يحق لنا حتى قول الحقيقة او مقارعتهم.

قامت الثورة لإقامة حكم جمهوري عادل ولكننا نعيش الظلم بكل أنواعه، فلا نظام قائم إلا نظام الجماعات ولا عدل يعلو فوق ظلم المليشيات.

قامت الثورة لإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات، ولكننا اليوم نعيش كل أنواع الفوارق فذاك قنديل وذاك زنبيل وذاك رعوي وذاك قبيلي وذاك حزبي وذاك تابع والأعظم من ذلك من ينادي بذاك سيد وذاك عبد، ففرقوا بين الشعب وميزوا كل شخص عن آخر وصنعوا الطبقات المتنوعة ليحكموا وينهبوا كما يريدون.

قامت الثورة لبناء جيش وطني قوي لحماية البلاد.. فهيكلوا الجيش وشتتوه وحولوه لمليشيات تابعة لهم، والآن يطالبوا بأهمية وجوده لحماية الوطن ومواجهة المليشيات المضادة، وضاع الأمان اليوم فذاك يقتل وآخر يسرق وذاك يغتصب.

قامت الثورة لرفع مستوى الشعب اقتصادياً وأصبحنا الآن في تدهور اقتصادي غير مسبوق فلا عملة وطنية مستقرة ولا أسعار في متناول المواطن ولا راتب يسد رمق الجوع في أفواه الموظفين.

قامت الثورة لرفع المستوى الاجتماعي، فأصبح الشعب يشحت المعونات يُعاني الأمرين بحرب وصراعات قائمة لم تنته.

قامت الثورة للاستقرار السياسي واليوم ماذا حدث، الكل يرى ويلمس كيف أصبحت السياسة مصدر ثروة لبائعي الوطن، وكيف تحولوا من سياسيين لتُجار حروب وصراعات يمتصون دماء المواطن ويتاجرون بحقوقه.

قامت الثورة اليمنية للبناء الثقافي ورفع مستوى الثقافة فأصبحنا اليوم بلا دراسة ولا ثقافة وتحول البعض إلى لقافه واقلام مأجورة تكتب وتُحلل وتشتم لمن يدفع أكثر..

قامت الثورة اليمنية من اجل إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف ولكننا اليوم نعيش تشظيا ديمقراطيا وتفككا مجتمعيا صار الاخ يقاتل أخاه والجار يُحرض على جاره وصارت الديمقراطية اليوم فعالة بإقصاء الآخر وتكتيم الأفواه وانتهاك للإنسان ولم يعد لنا نظام يُستمد من الإسلام فقسموا الإسلام لمذاهب وجماعات وإرهاب يستخدمونه خدمة لمصالحهم ويوظفون فتاوى إسلامهم لتحقيق مآربهم الشخصية والجماعية.

حتى الوحدة الوطنية التي سُطرت كأحد أهداف الثورة اليمنية وحققها رجال الوطن لم تعد موجودة فصارت المناطقية والانفصال سائداً واصبحت الوحدة شيئا ينادي به الأوفياء من الماضي ولم تعد موجودة بعد أن صمت الجميع وهم يرحلون المواطنين ويستهدفونهم تحت مسميات الانفصال.

وأما الهدف السادس والأخير من أهداف الثورة اليمنية الذي نص فيه احترام مواثيق الأمم المتحدة.... الخ جاءت الأمم المتحدة ومنظماتها وتاجرت بمعاناتنا تحت ذريعة المساعدات وأصبحنا تحت رحمتهم لا أنهم تركوا اليمنيين يتحاربون ويخرجون لطريق فيما بينهم ولا أنهم أوصلونا للحل وألزموا الأطراف بحلهم فكيف بعد ذلك سيُحترَمون..

ولم يتمسكوا بالحياد على أنفسنا فصاروا تابعين فذاك ينفذ أجندة ذاك وآخر يحارب باسم ذاك ونبذون السلام والتعايش الأخوي فصار اليمن ساحة صراعات لقوى إقليمية وعالمية، ولم نعد نعلم متى التصفيات ومتى سنخرج من هذه الصراعات والحروب ونعيش أفراح ونتائج الثورة اليمنية ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر.

وبعد ذلك كله يأتون للاحتفال بثورة أُفرغت من محتواها وأهدافها وأصبحت مجرد شعارات رنانة يسترزقون من عوائد الاحتفال بها.

وأختم مقالي بما قاله الشاعر الكبير عبدالله البردوني، رحمة الله تغشاه:

بلادي في كهوف الموت

لا تفى ولا تشفى

تنقّر في القبور الحرس

عن ميلادها الأصفى