محمد ناجي أحمد

محمد ناجي أحمد

تابعنى على

الطائفية أفيون الوطنية والصرخة قَطَرانها

Saturday 17 October 2020 الساعة 02:53 pm

الطائفية بأقنعتها المتعددة أداة أثيرة للاستعمار، لطالما أينعت له مجتمعات وجغرافيات وأوطان في حالة جزر مفككة ومحتربة، يضع على يبابها وخرائبها كرسيه مسترخياً في إدارته لاستراتيجياته في المنطقة.

وهو هنا لا يختلق شيئاً من العدم، لكنه يُفَعِّل أساطير وخرافات كامنة في الشعوب، مستثمراً إياها بما يحقق استمرار هيمنته على ثروات ومقدرات الأمم، ولا أقول مصالحه، لأن المصلحة تقتضي تفهما، والنهب يقتضي مقاومة وطنية في مواجهته!

(الصرخة) في شعار الحركة الحوثية تنويم للعقل، وشلل للإبداع، والولاية عود إلى عصور ثيوقراطية، الحاكم فيها ابن الله /ظل الله/ المصطفى من الله.

من أسطورة شعب الله المختار، شعب الله الوحيد، إلى أسطورة أبناء الله المصطفين كحكام على العالمين!

بماذا تختلف عني وتمتاز؟

دمك دمي، وأرضك أرضي، وتاريخك تاريخي، ومظلوميتك مظلوميتي، فبماذا يوصي الله الحكم لك مستثنيا لي، وتاركا لي مهمشا على قارعة التاريخ والحاضر؟

بماذا يتركني على قارعة الموالين المتبعين؟

لست خيرا مني، بل إنني بجهدي المادي والذهني أنحت أفضليتي، دون أوهامك وأساطيرك!

فبماذا تكون أفضليتك؟

هل لأنك شيأته وجعلته جهة وذاتا، وأنا قدسته وتعاليت به داخل إنسيتي، وتحريري لإنسانيتي؟

"أعرف أن ما تسميه إلها موجود فعلا، ولكن ليس كما تظن: إنه موجود كطاقة كونية في الفضاء، مثل حب في جسدك، مثل استقامتك، ومثل شعورك بالطبيعة في داخلك وخارجك."ص29-خطاب إلى الرجل الصغير-فيلهلم رايش-منشورات الجمل-2003.

ناضلنا لنكون جميعا كبارا، جميعا ذلك الإنسان الأعلى، الذي يتحدث عنه نتشه، لكنك أزحت رؤوس الثعابين والراقص معهم، وعلى رؤوسهم، واعتليت كراسيهم.

جئت بواحد من أبناء الشعب لتلتقط له صورة، ثم أزحته إلى الأسفل ليكون مواليا لك لا وليا بنفسه ولنفسه، في تكرار هزلي للأفعال المبدعة، استنسختها ليصير الفعل هزليا، وجئت بواحد وعشرين من سبتمبر لتزيح السادس والعشرين من سبتمبر!

أنا لست شجاعا، هي لحظات الكتابة والقراءة استثناء مؤقت، لكن زمن الخوف بعدها يتسع، يطغى، تتشربه خلايا جسدي ومسامات هواجسي.

ليس لدي خيار، إنها شجاعة الضرورة القسرية، هناك طريق وحيد رسمته أساطيرك:

إمَّا الموت جوعا أو مواجهة خوفي من نير أوهامك وخرافاتك المستقاة من كهوف أزمنة الإقطاع!

يستطيع المرء أن يكون حرا وهو في الأصفاد كما يقول هيجل.

ولأنني "لم أجد أدفأ من علم بلادي" فقد اخترت أن أكون في مواجهة خوفي!

لننظر في أقوال وأفعال الحركة الحوثية فسنجدها تتكامل في اغتنام الحياة واحتكارها في خرافة (الاصطفاء) و(الوصية) العابرة للأزمان!

إن مهمة الطبقات المنتجة عدم نسيان الماضي لكي تكون قادرة على توقع المستقبل.

إذا استخدمنا بتصرف لغة تروتسكي في (النبي المنبوذ).

كل الأوهام تختفي أمام الحقيقة، وكل الحماقات تهوي أمام العقل..كما يرى هيجل.

لقن الاسلام السياسي الناس كيف يحتقرون أنفسهم، ويكونوا موالين متبعين مطيعين خانعين مسيَّرين، علّمهم "احتقار الإنسانية وعجز الإنسان عن بلوغ الخير وتحقيق ماهيته بجهوده الخاصة"ص36-العقل والثورة...-هربرت ماركيوز- ترجمة فؤاد زكريا-الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر-1970.

الطائفية في نسختها الرائجة والناعمة في المنطقة،كما هو حالها في لبنان تمت هندسة حدودها السياسية من قِبَل فرنسا، مستلهمة تاريخا من الاقتتال الإقطاعي بلافتات طائفية!

كان لمشروع موسى الصدر كما يرى يوسف الشويري في كتابه (النص والهامش)"منذ بدايته بعض الأوجه السلبية إلى جانب توجهاته الإيجابية.

فهو قد خلق في أوساط الطائفة الشيعية شعورا بالكرامة والعزة كانت تفتقده، وشدها في لحمة جديدة لم يسبق أن عرفتها من قبل، ووضعها وجها لوجه أمام طغيان السيطرة المارونية واستبدادها واحتكارها السلطة دون الطوائف الأخرى.

لكنه بالمقابل، أعطى للصراع في لبنان عمقا طائفيا جديدا، حتى داخل الصف الإسلامي نفسه، وذلك عندما انفصل عن(المجلس الإسلامي الأعلى) الذي يضم كل مسلمي لبنان، واعلن تأسيس(المجلس الشيعي الأعلى) كتأكيد على خصوصية طائفته ومطالبها ومضاعفة الحرمان الذي تعاني منه" وإذا كانت قيادته السحرية وشخصيتها الجامعة لقوى مشتتة ومتفاوتة في نضجها إلاَّ ان إخفائه قسريا عام 1978 جعل التناقضات والتباينات داخل حركة أمل تتفجر، مما أدى إلى انتصار الخط التجاري فيها، ثم تجذر الإطار الطائفي داخل حركة أمل مع تضاؤل صوت المحرومين وتوجيههم داخل البودقة الطائفية...

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك