فهمي محمد

فهمي محمد

تابعنى على

حين يكون النهي عن المنكر على شاكلة السؤال عن حرمة دم البعوض.. العديني في تعز أنموذجاً!

Sunday 07 February 2021 الساعة 04:15 pm

عندما يتم استهبال الدين بكل ما فيه من تعاليم ثورية وشرعية في أتفه الأمور الجزئية، يكون السؤال عن الحلال والحرام أو حتى عن المنكر مستفزاً للعقل الإنساني، لأن هذا الأخير في كل زمان ومكان يطمح أن يكون الدين حاضراً وصاحب موقف يرتقي إلى حجم مشاكل المجتمع ومعاناة الناس اليومية، خصوصاً عندما يكون وضعهم المعيشي كما هو حال الناس في مدينة تعز..

بمعنى آخر يجب أن يكون الداعية أو عالم الدين صاحب موقف أو صاحب خطاب نقدي أو حتى جهادي حسب ما يحلو لهم تسميته، يبدأ أولاً بتناول المشكلات الكبرى التي تهدد حياة الإنسان والمجتمع، وهي غالباً مشاكل تتعلق بالاستبداد السياسي والاستغلال الاقتصادي ومشكلة الأمن والاستقرار والظلم الذي يتعرض له الناس في واقعهم اليومي، لا أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال تجاه هذه المشكلات، بالمعنى الذي يجعل من الدين وكأنه صاحب موقف نقدي يستهبل عقول الناس حين يتناول هؤلاء المتدينون سفاسف الأمور على حساب المشاكل الجوهرية التي تطحن الناس كما هو الحال مع عبدالله أحمد علي وتلامذته في تعز الحالمة، أو ما يقوم به مشرفو أنصار الله في صنعاء من مهاجمة المطاعم أو محلات الملابس التي يوجد فيها تماثيل بلاستيكية، تحت مبرر حرمة الدين أو الغيرة على الشريعة الإسلامية.

ربما كان ابن عمر هو أول من تعرض للسؤال الذي يستهبل الدين بشكل اختزالي وعبثي في سفاسف الأمور، وبشكل يستفز معه مشاعر المسؤول وإن كان المسؤول هنا هو الفقيه ابن عمر بن الخطاب!

فقد أقدم أحد الحاضرين من أهل العراق على سؤاله عن حكم دم البعوض أو قتل البعوض أثناء الإحرام في الحج، في وقت كان فيه سيف السلطة ملطخاً بدماء المعارضين للانقلاب على مبدأ الشورى، الذي حول الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض يستأثر فيه القليل من الناس بالسلطة والثروة من دون الناس، ولأن سؤال الحلال والحرام عن دم البعوض في مجلس ابن عمر كان مستفزاً في مثل هذه الظروف، فقد كان جوابه يحمل الكثير من الاستهجان والسخرية تجاه السائل بالمعنى الذي يجعل ممن شهد أو سكت عن مقتل وإراقة دم حفيد رسول الله غير مقبول منه السؤال عن حرمة دم البعوض.

يروي ابن كثير في تاريخه بالقول عن محمد بن أبي يعقوب: سمعت ابن أبي نعيم قال: سمعت عبد الله بن عمر، وسأله رجل من أهل العراق عن المحرم يقتل الذباب.

فقال: أهل العراق يسألون عن قتل الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله ﷺ، وقد قال رسول الله ﷺ: «هما ريحانتاي من الدنيا».

من نافلة القول إن عبد الله أحمد علي وتلامذته المنشغلين اليوم في تعز وفي هذه الظروف بسؤال الحلال والحرام أو النهي عن المنكر قِبل من يتناول الطعام مع زوجته أو يتصور مع زوجته أو يمشي معها في الشارع دون أن ينشغلوا في تناول الفساد السياسي والاقتصادي والظلم والقتل اليومي ونهب الأراضي ومعاناة الناس اليومية التي يصعب حصرها في تعز، قد أصبحوا في نظر العقلاء من الناس كمن سأل عن حرمة دم البعوض في نظر ابن عمر!!!