د. صادق القاضي

د. صادق القاضي

تابعنى على

الخليفة.. كشرط سياسي للصلاة.!

Sunday 21 March 2021 الساعة 06:15 pm

في كتابه المثير "التاريخ السّري لجماعة الإخوان المسلمين". قال "علي عشماوي":

"كان المرحوم "سيد قطب"، "لا يصلى الجمعة، كان يرى فقهياً أن صلاة الجمعة تسقط إذا سقطت الخلافـة، وأنـه لا جمعـة إلا بخلافة".!

العشماوي "شاهدٌ من أهلها"، فقد كان لفترة مهمة رئيساً لـ"الجهاز الخاص" لجماعة "الإخوان" في مصر، وقد أضاف:

"علمت ذلك مـصادفةً، وكان هذا الرأى غريباً عليّ، ولكني قبلت على اعتبار أنه "سيد قطب" أعلم منـي".

لكن علم وأدب "سيد قطب" لا يبرر قبول مثل هذا الرأي المضحك، كما أن فضل الشيخ الشعراوي، وهو الأكثر اعتدالا ونقاءً، لا يبرر رأيه المبكي في حرب 67، وسجوده شكراً لله على الهزيمة المدوية التي منيت بها مصر أمام إسرائيل.!

المشكلة في الحالتين، وفي كل الحالات المماثلة، هي الخلط بين السياسة والدين، هذا الخلط التعسفي يفسد الجانبين وبالتالي الحياة. كما لو أن نقطة التداخل بينهما بمثابة "صندوق باندورا": مصدر كافة الشرور في العالم.

تقول الأسطورة الأغريقية: إن الإله "زيوس" أراد الانتقام من البشرية، فصنع هذا الصندوق المفخخ، وأهداه للمرأة الأولى "باندورا"، التي لم تسمع التحذيرات وفتحته فخرجت منه كل شرور البشرية من جشع، وخسة، وغرور، وافتراء، وكذب وحسد، وغدر، ولؤم، ووقاحة..

غير أن هذا الصندوق الأسود لا يخلو من بعض الأشياء المضحكة. "الدين السياسي" على دمويته العملية المريعة. سخيف نظريا وساذج فكرياً وحافل بالهزلية، بالشكل الذي تعكسه تعميماته وفتاواه السياسية المخيفة الساخرة.

من هذه: إضافة "وجود الخلافة والخليفة" إلى الشروط والأركان اللازمة التي لا تصح صلاة الجمعة إلا بها، ومن اللافت أن هذا الركن السياسي الذي وضعه "سيد قطب" لصلاة الجمعة، طُرح أيضاً، وفي فترة مقاربة، في اليمن، بالنسبة لصلاة الجماعة عموماً بعد سقوط الإمام.

قد يكون هذا الرأي من التراث السياسي الشيعي، وفي كل حال. إثر سقوط نظام الإمامة مباشرة توقف بعضهم عن صلاة الجماعة باعتبار أن صلاة الجماعة لا تجوز إلا بإمام للمسلمين.!

دعمَ "إخوان اليمن" حينها. خلال حروب ثورة 26 سبتمبر 1962م، هذه الفتوى الإمامية، بفتوى أكثر تطرفا وهزلية، إذ أفتى بعض مشائخهم. "الفسيل" تحديدا: إن الصلاة لا تصح وفي جيبك ريال جمهوري.!

للشيخ الفسيل فتاوى سياسية إمامية أخرى أذاع بعضها عبر إذاعة "المملكة المتوكلية". أنكرها الإخوان لاحقاً، ومن الجدير بالذكر أن "سعيد الجناحي" هدد بنشرها في 1984م في مواجهة دعوى مرفوعة على صحيفة "الأمل". ما دفع الفسيل وجماعته لسحب الدعوى.

كذلك أنكر الشيخ "عبد الوهاب الديلمي" علاقته بفتواه بخصوص تكفير أبناء الجنوب وإباحة دماء المدنيين في عدن في 94.. رغم كونها مع فتوى الزنداني ذات الصلة. موثقة بالصوت والصورة وفي الفضاء الرقمي.!

يراهن الإخوان دائماً على ذاكرتنا القصيرة. ومن سخرية القدر -في مقابل مواقفهم الإمامية السابقة- أنهم في الوقت الراهن يزايدون بالجمهورية، كآباء لها. وكأن دورهم التاريخي لم يكن دعم الإمامة وإفشال الصف الجمهوري من أجل إغراق مصر، جمال عبد الناصر، في المستنقع اليمني.

لا حدود لبجاحة الأدعياء، وهذا لا يقتصر على الإخوان الذين يتحدثون كما لو أنهم جمهوريون أقحاح. مع أن عقيدتهم الدينية السياسية مناقضة تماما لنظام سياسي حديث اسمه الجمهورية.!

الحوثيون في الجانب الآخر، يقدمون أنفسهم باعتبارهم يمنيين أقحاحا، وحماة للهوية اليمنية، ووصاة عليها.. كأن "الهاشمية السياسية" لا تتناقض تماما مع الانتماء لشيء اسمه اليمن.!.