ملاعب الكرة معسكرات تدريب على القذائف.. فيروس المليشيا يصيب الرياضة بالشّلل

متفرقات - Wednesday 22 August 2018 الساعة 06:30 pm
صنعاء، نيوزيمن، تقرير خاص:

أغرقت المليشيا الحوثية اليمن في حرب وأزمات طويلة أخذت مساحتها في إنتاج المآسي وتعطيل مصالح الملايين من المواطنين على مستوى التعليم والصحة والرياضة وغيرها من الجوانب الأخرى.

قبل 4 أعوام كان الرياضيون في اليمن يتحدثون عن هموم ومشاكل ترافق رحلتهم الرياضية كتطوير الأندية والملاعب، وعن مشكلات أخرى... لكن اليوم يتحدث اللاعبون والمعنيون بقطاع الرياضة بأنه لم تعد هناك رياضة في اليمن أصلاً.

هدأت الملاعب اليمنية، وصمتت معها المدرجات، وفقد اللاعبون لياقتهم ومصدر عيشهم الذي كانوا يعيلون به أسرهم البسيطة.

وتجاوز الحديث هموم الرياضيين إلى انقطاع الدعم عن الرياضة والمكافآت والتكريمات والمرتبات، بل وصل إلى توقف النشاطات الرياضية بما فيها الدوري العام.

الرياضيون ضحايا الانقلاب

يقول الصحافي الرياضي إبراهيم حمود، في حديث لـ"نيوزيمن" إن الرياضة تعتبر من أكثر المجالات تضررًا بالحرب، حيث توقف النشاط الرياضي الداخلي العام، وهو ما انعكس سلبًا على المشاركات الخارجية التي تم الاعتذار عن معظمها، وإن وجد القليل منها فهو لا يرتقي إلى المستوى المأمول.

ويضيف، أن المنشآت الرياضية كأهم المعوقات التي واجهت استمرارية النشاط الرياضي تضررت معظمها إما بالقصف أو بسبب استخدامها كملاجئ للنازحين أو ثكنات عسكرية.

ويؤكّد حمود، أن الرياضيين يأتون كأبرز ضحية لذلك فنسبة كبيرة من الرياضيين كانت الرياضة تشكل لهم مصدر دخل وحيد لإعالة أسرهم وتوجه أغلبهم لممارسة مهن لا تتناسب معهم اضطرارًا لتأمين لقمة العيش.

30 اتحاداً و5 أندية معطلة

ما يزيد عن ثلاثين اتحاداً رياضياً خارج نطاق الخدمة منذ انقلاب المليشيا الحوثية، إذ تحولت الكثير من مقراتها المستأجرة إلى مطاعم واستراحات ومخازن وأصبح رياضيوها عاطلين تتلقفهم الشوارع أو الجماعات المسلحة وقليل من لجأ لممارسة رياضته في الحارات.

وفي العاصمة صنعاء أكثر من 5 أندية كروية في دوري الدرجة الأولى تم تسريح معظم لاعبيها، انتهي بهم المطاف مجبرين لممارسة أعمال شتى، إما سائقي سيارات أجرة أو نادلين في مطاعم.. ومنهم من يبيع الشاي في الأسواق، وبعضهم أصبح بائعاً للقات، ونفس الحديث يسري على العديد من الأبطال في ألعاب التنس والسلة وألعاب القوى وغيرها.

وأكد محمد الأهنومي، مدير عام الأندية والاتحادات بوزارة الشباب والرياضة، أن 95% من الرياضيين، سواءً في الألعاب الفردية أو الجماعية، توقفوا عن ممارسة الرياضة.

وأضاف، في تصريح لـ"نيوزيمن": "للأسف، توقفت 90% من المشاركات الخارجية للاتحادات الرياضية ومعظم الأنشطة والبطولات المحلية، مما أدى إلى تسرب أبرز الأسماء الرياضية بعيداً، والعمل في مجالات مختلفة خاصة في غياب المرتبات أو نيلهم لأدنى مستحقاتهم".

من مصارع إلى عامل بناء

لم تكن مأساته الوحيدة توقفه عن المشاركة ببطولات المصارعة نتيجة لظروف البلاد أو توقفه عن التدريب، بل انشغاله بالبحث عن لقمة العيش والبحث المتواصل عن أي عمل يكفيه حاجاته، ولم يكن أمام عمله الشاق في البناء وقسوته أي خيارات أخرى.

ففي عهد المليشيا لم يجد المصارع اليمني "ميثاق العقبي" مفراً من ترك معشوقته رياضة المصارعة بعد أن أصبح بلا راتب ولا جدران نادٍ رياضي يحتويه ليعمل على مدى 10 ساعات في حمل الحجارة وأكياس الأسمنت عاملاً في البناء ليكسب قوته وينجو من مذلة السؤال.

كابتن المصارعة "العقبي" الذي أحرز 13 ميدالية ذهبية وفضية في مشاركات دولية ومحلية وتربع على عرش البطولة في رياضة المصارعة لسنوات نموذج يعكس حال الرياضيين في زمن المليشيات.

وفي مشاهد مؤلمة التُقطت صور لبعض نجوم الرياضة اليمنية أمام مكاتب المسئولين عن الرياضة إما للمطالبة بجزء من حقوقهم أو لطلب المساعدة في الوقت الذي تخلى الكثير من الأبطال والرياضيين في مختلف الألعاب عن ألعابهم وألقابهم وأحلامهم.

ومن لم يغادر ملعبه الرياضي أو النادي المحبب إليه إلى سوق العمل غادره إلى بعض جبهات القتال المفتوحة في أكثر من منطقة ومدينة يمنية سواءً مع طرف الشرعية والمقاومة الشعبية أو مع مليشيات الحوثي.

صندوق النشء لتمويل المليشيات..

صندوق النشء والشباب، ذلك المرفق التابع لوزارة الشباب والرياضة والذي يمثل الخزنة المالية للرياضيين لاحتوائه على مليارات الريالات التي تورد إليه سنوياً من السلطة المحلية والاتصالات وشركات التبغ والكبريت تنصل نهائياً في احتواء ما تبقى من المشهد الرياضي، حيث تسخر الأموال في الصندوق لتمويل حرب المليشيا العبثية.

وتستحوذ المليشيا منذ الأشهر الأولى لانقلابها على السلطة على إيرادات صندوق النشء والشباب وتصرف مليارات من السيولة النقدية للصندوق لتمويل حربها وإثراء قادتها.

منشآت الرياضة ثكنات عسكرية

وتحولت المنشآت الرياضية في عموم المناطق التي يسيطر الحوثيون عليها إلى معسكرات تدريب أو مقرات عسكرية، إذ أظهرت صور حديثة قيام الميليشيا بتدريب نساء على استخدام السلاح في ملعب المريسي.

فيما تهديدات مستمرة يتلقاها اللاعبون والمدربون من عناصر مليشيا الحوثي، وفق حديث مدرب رياضي في أحد أندية صنعاء والذي أشار خلال حديث لـ"نيوزيمن"، إلى أن صالات بعض الأندية المخصصة لتدريبات ومباريات كرة القدم تتم فيها احتفالات حوثية وليس لدى اللاعبين غير الصمت.

وأضاف المدرب، أن كل أندية ومقرات الاتحادات في قبضة الحوثيين تحولت مع مرور الوقت مكانًا للمقيل والتدريبات العسكرية والاستعراض أثناء المناسبات الخاصة بهم ما أجبر الرياضيين على المغادرة.

ومؤخراً، وجهت مليشيا الحوثي الانقلابية سلطاتها الأمنية بإغلاق نادٍ رياضي في العاصمة صنعاء تمهيداً للسيطرة عليه.

وقالت مصادر مطلعة، إن القيادي الحوثي حسن زيد المعين وزير الشباب والرياضة في حكومة الانقلابيين، وجه بإغلاق نادي شعب صنعاء الكائن في ميدان التحرير، وذلك بسبب رفض إدارة النادي تسليمه للحوثيين.

وبحسب المصادر، فإن القيادي الحوثي حسن زيد يعتزم تشكيل إدارة جديدة للنادي بزعامة ابن شقيقته هشام شرف الدين، تمهيداً للسيطرة على النادي وتحويله إلى مؤسسة تابعة للمليشيا مثل كل المؤسسات الأخرى.

وتسعى مليشيا الحوثي الانقلابية السيطرة على كل المؤسسات المجتمعية والخاصة بعد استكمال سيطرتها على مختلف مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية.