القاهرة- إدانة واسعة لما تتعرض له المدينة القديمة بتعز (استطلاع)

متفرقات - Saturday 27 April 2019 الساعة 08:40 am
القاهرة، نيوزيمن، خاص:

بينما كان النقاش حول كتاب يتحدث عن تعز، كمدينة حاضرة في كل المحافل، ومراحل التاريخ القديم والمعاصر والحاضر، كانت المدينة القديمة ترزح تحت حصار خانق، وحملة أمنية بشعة تستهدف المدنيين ومنازل المواطنين وممتلكاتهم، وكانت صور الضحايا من الأطفال وغيرهم تجوب مواقع التواصل الاجتماعي.

معظم الحاضرين في الفعالية من مدينة تعز، وكثير لديهم أهل في المدينة القديمة، وقد ظهر التذمر على وجوههم ومن خلال مداخلاتهم.

وكان هناك إجماع على أن ما يحدث هو إرهاب بقوة السلاح، وفرض أيديولوجيا وواقع حتمي خارج مؤسسات الدولة، وهو ما لن تقبله تعز على نفسها، ولا أهلها كمدينة مفتوحة لكل أشكال التنوع.

في إطار هذه الفعالية، ووسط حضور مميز من الجانبين، اليمني والمصري، وعلى هامش نقاش مجموعة من الباحثين والمتخصصين لكِتَاب "تعز الثقافة والتغيير"، كان لا بد "لنيوزيمن" من طرح السؤال التالي على بعض الحاضرين، فيما اعتذر البعض عن التعليق.

ما الذي يجري في هذه اللحظات داخل تعز، وتحديداً في المدينة القديمة؟!

حملة جهنمية

د. سلطان المعمري، صاحب كتاب "تعز الثقافة والتغيير" وأستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة تعز، أكد أن ما يحدث مأساة وكارثة من قبل قوى لا تعرف السلم ولا التعايش، قوى إرهابية ظلامية لا تريد لتعز الأمن والاستقرار، لا تفهم معنى الديمقراطية ولا التغيير.

وأضاف، أنا هنا أتكلم على هامش هذه الفعالية، المطلوب إيقاف هذه الحملة الجهنمية؛ التي يراد بها إسكات صوت الحق، والعدل، صوت الديمقراطية والتغيير، فلتوقف هذه الحملة دون شروط.

صراع قوى تقليدية

من جانبه أكد الدكتور علي الجوفي، رئيس مركز الإبداع والموروث الشعبي، بأن صراعاً داخلياً فرضته القوى التقليدية، ضحية هذا الصراع هم الناس البسطاء والأبرياء، والصادقون الذين يحاولون الحفاظ على مدينة جميلة، ومركز صدّر كل الطاقات إلى كامل الجمهورية، من علماء، وعمال، وحرفيين... وغيرهم.

أضاف: هذا الجانب يصطدم ببعض الأفكار التي تأبى أن ترى جمال الأشياء، وتحاول أن تغرس بقدر ما تستطيع وبكل جهد وقبح، ترفضه المدينة وكل أبناء المحافظة، بأبنائها الواعين المسالمين الذين ينشدون المدنية، بعيداً عن كل تعصب وكل ما يعيق حركة التغيير نحو الأفضل والأحسن.

صراع أكبر

أما مرشد شمسان، باحث وأكاديمي، فقد وقف على هذه الأحداث مؤكداً أن ما يجري حرب شوارع عشوائية، أصوات الاستغاثة ترتفع من كل مكان عبر مكبرات الصوت والمآذن.

وبخصوص إعلان المحافظ وتوجيهه بإيقاف الحملة فوراً، قال: لا فائدة، فالكثير يريد لتعز أن تظل هكذا في صراع، لأن تعز لو استقرت ستشكل أنموذجاً، وهذا ما ترفضه الكثير من القوى التقليدية.

وختم متفائلاً: أتوقع أن يفشلوا في إذكاء الصراع الداخلي في هذه المدينة، مهما طال هذا الاحتراب، وهناك صراع إقليمي يدور داخل المدينة للأسف.

موقف الرئيس

عبد الغفار المعمري، ناشط وسياسي، أكد أن ما يجري هو نوع من الدمار ونزيف الدم، ولا بد أن يقف، مبيناً أن هناك أحزاباً تتصارع، ومصالح تتضارب داخل هذه المدينة، وهذه مهزلة لا بد أن تتوقف، سواءً في المدينة القديمة أو تعز عموماً.

أما فيما يخص توجيهات المحافظ، فقال: لن يستجيبوا لتوجيهاته، لأن هناك من يرى نفسه فوق المحافظ وتعليماته، وهؤلاء لديهم مصالح، وسبق أن تم التوجيه لكن الخروقات استمرت.

وختم حديثه بضرورة تدخل رئيس الجمهورية فوراً ولا بد أن يكون له موقف مما يجري.

نداء.. ومع المحافظ

المحامية والصحفية نبيلة الحكيمي، والتي تحدثت بشكل عام، وبكل شجاعة ووضوح، من خلال مداخلة مفتوحة جاءت على شكل نداء استغاثة ودعوة لإيقاف هذه المهزلة:

مساء الخير لكل أبناء تعز، ولكل هذه الوجوه المختلفة، من صنعاء وصعدة وكل مناطق اليمن، وبما أننا هنا نمثل اليمن ككل، لا بد أن نوصل نداءنا بعد ثلاثة أيام من الحصار، هناك أناس في هذه اللحظات لا يستطيعون الخروج من منازلهم، وهذا بسبب أبنائها أولاً، وأحزابها ثانياً، ولنكن صرحاء، وأنا أحد أبناء هذه المدينة، فإن أبناءها وأحزابها يجب أن نرسل لهم من هنا نداءً، أوقفوا هذه المهزلة الدموية، كفوا عن المهازل والتبعية والدماء التي تسيل.. أطفالنا يموتون ونساؤنا تأرملن جميعاً، يجب علينا أن نقف وقفة جادة، وأن يكون لنا صوت، كل باسمه وصفته، وأن نتحمل المسؤولية التاريخية الآن للوقوف مع محافظها؛ الذي حاول تهدئة الأمور، لكن يبدو أن هناك أطرافاً لا يريدون الخير لهذه المدينة، ويريدون أن تستمر هذه الدماء، وأنا هنا كحقوقية وصحفية، أناشد الجميع بأن يوقفوا هذه الدماء.

لحظة تضامن

ويعلق علوان الجيلاني، ناقد وباحث: كانت ليلة فارقة في "أتيلية" القاهرة العريق، مع مجموعة من رموز الثقافة في اليمن ومصر، وكتاب الدكتور سلطان المعمري "تعز الثقافة والتغيير"، واختتم كلامه بالقول: إنها لحظة تضامن مميزة مع مدينة يدمرها أبناؤها.

متناحرون على جثة تعز

أما محمد عبد الوكيل جازم، كاتب وباحث، قال: إنني منذ أيام وأنا أصلي من أجل الأشرفية والمظفر والمعتبية، وكلما تناقلت الأخبار أن المتناحرين على جثة تعز أصبحوا في المدينة القديمة، شعرت بالخوف على هذه الكنوز الأثرية المريحة للقلب، والعقل والبدن.

وواصل حديثه وتخوفاته قائلاً: قد يعملها الذين في نفوسهم ضغينه، ويحرموننا من هذا الجمال الذي لا يضاهيه جمال، يكفي أننا ضحينا بعشرات الآلاف من الشهداء، والأطفال والنساء.

وختم بالقول: أتمنى لو أن هناك قليلاً من العقل، أن يخرج هؤلاء إلى خارج المدينة، ما داموا قد أدمنوا على شرب الدماء، وأن يتصارعوا هناك بعيداً عن إرهاب الأطفال والنساء وتدمير الآثار.

* تصوير/ رضوان الحاشدي