الشرعية وإهلاك المواقف.. بيان عُقال الحارات الثلاثي في حضرة حكام الفندق الأربعة

السياسية - Monday 16 September 2019 الساعة 11:57 pm
عدن، نيوزيمن، محمد فؤاد:

تعيش الشرعية تخمة مواقف وصلت حد الفوضى في إهلاك قدر كبير من مواقفها التي يفترض أن تكون أكثر رشداً من حيث الكم والكيف بدلاً من تحول قياداتها إلى أشبه بلاعبي فريق كرة قدم من وجده المراسل الرياضي أمامه في الميدان أخذ تعليقه على مجريات اللقاء.

كل مسؤول أو صاحب منصب حكومي يطل من شاشة تلفزيونية أو صفحة فيس بوك أو حساب على تويتر وأخيراً تسجيل واتس آب، ويصدر موقفاً باعتباره منتمياً للشرعية، ويتهم التحالف، ويطالب بإنهاء دور الإمارات، والتزام التحالف بالمهمة التي أتى لأجلها إلى اليمن.

يخلط قادة الشرعية أو من ينتمون لمؤسسات الحكومة بين دورهم الوظيفي المحدد بالمنصب الذي يتقلدونه وبين انتماءاتهم الحزبية، كما أنهم لا يفرقون بين الرأي الخاص والموقف الصادر عن المؤسسات السيادية، وإزاء هذه الوليمة من المواقف والتصريحات غير المنسجمة والتي تمثل مطلقيها، تضيع رمزية مؤسسات الدولة وتنتهي القيمة المعنوية للمواقف الحقيقية وقت الحاجة لها.

كانت الحكومات في اليمن سابقاً تجتمع كل ثلاثاء، وإذا كان هناك ما يستدعي إصدار موقف يُضمّن ذلك الموقف داخل خبر الاجتماع، وإذا كانت الحاجة أهم لموقف أقوى يتصدر وزير الإعلام الحديث عن ذلك، أو يصدر بيان للحكومة وهذا في حالات استثنائية.

لم يحدث أن حصل أن ناطقاً باسم الحكومة يتقيد بحدود وظيفته ويكون أكثر حذراً في إبداء المواقف، في حين يتحول وزير الإعلام إلى مغرد يتحدث بلسان منفلت من أي اعتبارات يفرضها منصبه كوزير مسؤول كل وسائل إعلام الحكومة.

لم تدمر الشرعية فقط رمزية مواقف مؤسساتها السيادية، بل عبثت حتى بمهام الأذرع التي كانت تتولى التعاطي مع التطورات وفق تخصصاتها: مجلس الدفاع الأعلى، اللجنة الأمنية العليا، اللجنة الاقتصادية العليا، اجتماع مشترك للحكومة ورئاسة البرلمان ومجلس الشورى.. كل ذلك تم تدميره والاكتفاء بالعليمي عبدالله وجلال هادي والعيسي وناصر هادي أيضاً.

يخرج نائب رئيس الحكومة ونائب رئيس البرلمان ووزير ببيان مشترك يتجاوز البرتوكول وتراتبية المنصب وحتى يتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ويضع اشتراطات ومطالب ليست في دائرة اختصاصاتهم أساساً.

تحول الموقف في البيان الثلاثي إلى ما يشبه بيان عقال الحارات، لأن مضمون البيان سبق أن قاله جباري في قناة سهيل، والميسري في رسائل واتس آب صوتية، والجبواني في تغريدات على تويتر.. ما الداعي، إذا، إلى تكرار ما قيل سابقاً في ورقة ممهورة بتوقيعات ثلاثة؟!

انساق جباري والميسري والجبواني إلى ما يشبه الحديث عن تشكيل وصناعة شرعية جديدة بدعوتهم إلى بناء تكتل جديد يتبنى مطالبهم، وهذا يعني أن الثلاثة الموقعين على البيان ينسفون حتى مناصبهم الوظيفية التي اتكأوا عليها للتوقيع على البيان، كونهم يبحثون عن تكتلات خارج سياق مؤسساتهم.

لا يملك الثلاثة أحزاباً.. فجباري غادر المؤتمر ولا يجد طرفاً سياسياً يتبى خطابه، حتى إنه في حديثه لقناة سهيل قال إنه انتخب في رئاسة البرلمان كممثل للناصري والاشتراكي وبقية الكتل، وهذه مغالطة وادعاء تمثيل باطل.. والميسري في مؤتمر هادي، وهذا الجناح معروف بهزاله وعدم تأثيره في المعادلة. في حين الجبواني أيضا كان سابقا مناصرا للحوثيين وحاليا موظف مع دوائر قطرية، وهذا استدعاهم الثلاثة لمحاولة استدعاء تأثير من خلال بيان يمكن أن تصدره دائرة فى حزب.

فقط بإمكان من يريد أن يعرف أكثر عن حقيقة فوضى الشرعية وتهالك مواقفها ومؤسساتها السيادية أن يتابع خطاب الإعلام الرسمي الذي تحول إلى ساحة موازية للمفسبكين وارتجال المواقف باسم الشرعية والعبث بلغة الخطاب الرسمي بشكل يجعل المتابع لا يفرق بين قناة سهيل والمسيرة والإعلام الرسمي.