استطلاع مصور- موعد في "موزع".. بلدة القباب والمآذن التاريخية

المخا تهامة - Saturday 12 October 2019 الساعة 11:00 am
موزع/ المخا، نيوزيمن، خاص:

يلفت الغرباء انتباه السكان، ويميزون ذلك من خلال وجوههم غير المألوفة، فأبناء موزع يعرفون بعضهم بعضاً، شأنهم شأن المناطق الريفية ذات الترابط الأسري الواحد، فيما التصوير بكاميرا حديثة وسط سوق المديرية يصنع هالة للزائرين الجدد، ويدفع بالناس للتجمع حولهم بفضول، لمعرفة ما الذي يجري.

كانت أكثر الأسئلة التي ألقيت علينا، هي من أنتم، وإلى حساب أي قناة تلفزيونية تعملون؟

وكنت أردد مراراً، أننا نعمل كصحفيين في نيوزيمن أحد المواقع الإخبارية الشهيرة على شبكة الإنترنت إلى حد أنني سئمت الإجابة.

وللتجول وسط سوق المديرية، متعته الخاصة، شأنه شأن كل الأماكن الجديدة التي يتم زيارتها، فيما رائحة الجبن البلدي التي كانت تشتم من بعيد، تغري الزائر لالتهام بعض منها، أما المنتجات الزراعية المعروضة للبيع فقد كان أغلبها من إنتاج الحقول الزراعية في الموزع.

عند منتصف السوق برزت المنتجات النقدية على قائمة الأصناف المعروضة للبيع، وهي تمثل ما مجموعه ربع الحركة الاقتصادية للأسر المزارعة ذات المردود المالي الصغير، حيث يعمل المزارعون على بيع حصاد منتجاتهم لتجار صغار مهنتهم بيع الخضروات والفواكه بشكل يومي في مركز المديرية.

ليس معلوماً إن كان إنتاج المديرية من الخضروات والفواكه يكفي حاجة سكانها، لكنها على أية حال تبقى مساهمة بجزء كبير من احتياجاتهم اليومية، أما ما هو مؤكد هو أن موزع، تكفي حاجة أهلها من الحبوب وتصدر الفائض منه إلى مناطق أخرى.

موعد الغداء

عند الحادية عشرة ظهراً، كان موعد الغداء، وهو وقت يبدو مبكراً مقارنة لما اعتدنا عليه يومياً بالواحدة ظهراً، ذهبنا إلى المطعم الوحيد في مركز المديرية، وكنا أيضاً الوحيدين بداخله، فقد كان الوقت مبكراً على أن تمتلئ مقاعده بالزبائن.

حرص وائل العريقي أن يكون اللحم البلدي أحد الأطباق التي ينبغي علينا تناولها، قالها مراراً، أريد تذوق اللحم البلدي وكان يقصد لحوم الحيوانات التي تتناول الأعشاب البرية، عكس حيوانات المزارع التي تتناول صنفا واحدا من الغذاء، طوال فترة التي تستغرق تسمينها، ما يجعل لحومها في مطاعم المدن دون طعم، وهو ما كان لها بالفعل، فقد كانت لذيذة وذات رائحة مميزة، كما أن فاتورة الغداء رخيصة جدا إذا ما قورنت بأسعار المطاعم في أماكن أخرى.

مساجد أثرية

الزائر لمديرية موزع يعدها كمدينة روحية، فالمساجد ذات القباب المتعددة والمبنية على الطريقة الصوفية، تكسبك نوعا من الحنين إلى ماضٍ اشتهر بالنقاء الروحي.

لكن ما كان مثيرا للإعجاب هو أن تلك المساجد قاومت الهدم الذي عانت منه في مدن أخرى، وبقت صامدة أمام كافة أعاصير الإقصاء الذي عانى منه المتصوفة ومساجدهم في مناطق ومدن أخرى.

تضم مديرية موزع 17 قرية، تشكل ما مجموعه 4 عزل هي: الأهمول، الأيتمه، العواشقه، موزع، وجميع هذه العزل عانت من وحشية مليشيات الحوثي، ولذا ما تزال موزع بحاجة إلى جهود كبيرة لعودتها إلى وضعها الأول، فالكثير من المرافق الحكومية التي دمرتها حرب المليشيات بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيلها.

سأذكر هنا، على سبيل المثال، مدرسة الأمل وإدارة الأمن، فالأولى ما تزال أجزاء منها مهدمة وباحتها مليئة بالألغام التي تعيق عملية ترميمها ليعود الطلاب إلى فصولهم الدراسية، أما الثانية فلا تزال جدرانها تحمل ندوب الرصاص وآثار القذائف، كما كانت خاوية، لا أحد يرغب بالاقتراب منها بعد أن بدأت بتلك الوحشة.

ولكي يعود إليها الزخم الذي كانت عليه قبل سنوات، كمكان يتجه إليه المواطنون لفض خصوماتهم وتسوية خلافاتهم الشخصية ينبغى إعادة ترميمها ليعود إليها روحها السابقة.

لموزع حنين ينتاب الزائر عندما يغادرها، تاركاً خلفه أبنيتها التي صبغتها أشعة الشمس بالصفرة، كان ذاك أثناء الغروب، بل إنه الأصيل، موعد الزوال الذي يلوح في الأفق، معلناً قرب دنو الليل.