ما الذي يمنع المجموعات الصناعية نقل نشاطها إلى مناطق الشرعية؟

إقتصاد - Sunday 24 November 2019 الساعة 04:20 pm
تعز، نيوزيمن، عامر عبدالكريم:

لم تشكل حادثة اقتحام منزل الحاج/ على محمد سعيد أنعم، رئيس مجلس إدارة مجموعة هائل سعيد كبرى المجموعات الصناعية سابقةً في مآسي "تعز المقاومة" فخلال السنوات الخمس الماضية، أصيبت غالبية القطاعات التجارية بشلل تام.

فمع اشتداد المعارك التي شهدتها مدينة تعز منذ مارس 2015م، غادرت أغلب رؤوس الأموال المحلية، ليأتي الحصار الذي فرضته مليشيات الحوثة، ويفرض واقعاً بالغ القوة على سكان المدينة التي وجدوا أنفسهم بين مطرقة حصار مليشيات الحوثي وسندان العصابات المسلحة المتدثرة برداء المقاومة.

قمعت ردود الأفعال الأخلاقية الناقدة لهذه التصرفات بمبررات الحصار الحوثي، ونتيجة الدعم المقدم للمقاومة وحاجة المعارك للتمويل والإمداد بالمال والغذاء والسلاح حتى لا تسقط تعز في أيدي المليشيات الانقلابية، كل هذا والشرعية تتفرع إلى تعز وهي تتحول لغنيمة لعصابات اللصوص.

ومع هروب غالبية رجال الأعمال من بطش "المقاومة الشرعية" إلى مناطق مختلفة في الداخل والخارج تاركين خلفهم مدينتهم تعز تحت رحمة سلطة أمر واقع موازية تتحكم بمركز القرار في الشرعية، ولا ترتبط بأي من مفاهيمها ومسؤوليتها كسلطة سياسية.

هذه الفئات الطفيلية بحسب –مراقبين– هي من أدارت عجلة الاقتصاد الإغاثي والإنساني فدفعت بعناصرها لأخذ مناقصات توفير ونقل المستلزمات الطبية والأدوية والأغذية، مُشكلة بذلك قطاعاً هاماً منها يطلق عليه "اقتصاد الحرب".

وربط مراقبون ومواطنون بين المضايقات التي تمارسها هذه العصابات على التجار كالنهب والجباية وتوطؤ سلطة الأمر الواقع التي لا تخجل من ادعاء العجز "المصطنع" في مواجهة هذه العصابات وبين اقتصاد الحرب "الطفيلي" الذي أنشأته هذه السلطة بالاستيلاء على المساعدات الإنسانية وإدارة التمويلات الحكومية والخارجية والدعم العسكري المقدم من التحالف العربي ضمن عمليات غسيل الأموال وإدارة الاحتكارات والمضاربة بالعملة والربح غير المشروع من خلال إجبار المواطنين على شراء البضائع منتهية الصلاحية والاستفادة من الحصار وخلو الساحة من المنافسين لمصلحة "اقتصاد الجماعة" ولما يفاقم من معاناة المواطنين المعيشية واستمرار التدهور الاقتصادي.

غير أن البعض يعتبر أن هذه الآراء محض مبالغات ويستشهد بإعلان مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاؤه وقف إنتاج وتوزيع السلع الغذائية عامة، الأمر الذي هدد بانهيار الاقتصاد اليمني تماماً، ودخول البلد إلى حالة المجاعة، لولا تراجع المجموعة عن قرارها المتمثل في وقف الإنتاج والتوزيع بعد يومين فقط، وهو ما يراه البعض تسوية تمت بين المجموعة التجارية التي ضاقت بالجبايات والإتاوات التي تفرضها جماعة الحوثي، والتي اضطرت في المقابل لتحفيف قبضتها على مجموعة هائل سعيد أنعم صاحبة الحصة القومية الأكبر في البلد، والتي قد يؤدي وقف إنتاجها وتوزيعها ولو لفترة مؤقتة إلى الانهيار التام وهزيمة الحوثيين.

وتساءل هؤلاء لماذا لا تقرر مجموعة هائل سعيد نقل نشاطها التجاري والصناعي إلى المناطق التابعة للشرعية والتخلص من الابتزاز والجبايات الحوثية الظالمة التي تمارسها المليشيات الانقلابية عليها.

فيما يرأى أنصار الطرف الآخر أن تواجد مصانع هائل سعيد في المناطق التي يسيطر عليها الانقلابيون أمر سابق لواقع الحرب ونشوء الجماعة الحوثية، ومحاولة تغيير هذا الواقع يتطلب بالضرورة، إلى جانب تضحية مجموعة هائل سعيد بممتلكاتها وأصولها ومصالحها في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الانقلابية توفر بيئة استثمارية آمنة محكومة بالقوانين، وتشجع على الاستثمار والتطوير، وتحترم وتقدر مثل هذه التضحية والخسارة المالية الكبرى، وتمنع أي جبايات أو نهب أو ابتزاز، لا أن تنقل سلطة الابتزاز من يد ناهب واحد هو "الحوثي" في المناطق الخاضعة لسيطرته إلى عشرات النهابة والبلاطجة واللصوص بمن فيهم رجال الدين والأطفال والقصر، غزوان المخلافي وإخوانه في الجماعات المسلحة.

ويعتبر هؤلاء أن من باب المفاضلة بين السيء والأسوأ يبقى الحوثي هو السيء مهما كانت المبالغ التي يفرضها على رجال الأعمال ما دام ذلك وفقاً لآلية منظمة ورسمية، ويتضمن تقديم الحماية الكاملة للنشاط الاقتصادي ورجال الأعمال في نطاق سيطرته.