”فايننشال تايمز“: الشعب الإيراني سئم من القادة الدينيين الرجعيين

العالم - Friday 17 January 2020 الساعة 08:24 pm
عدن، نيوزيمن:

بعد عشرين عاماً على انطلاق الاحتجاجات الإيرانية المطالبة بالإصلاح، يبدو اليوم أن الشارع فقد الأمل بهذا الخيار.

وعلى الرغم من الغضب الشعبي على اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، إلا أن الأحوال تبدلت تمامًا خلال أيام، إذ واجه النظام غضب الجمهور العارم، بعد أن حاول الحرس الثوري التستر على إسقاطه الطائرة الأوكرانية، ما أدى إلى مقتل 176 شخصًا كانوا على متنها بينهم 82 إيرانيًا.

ووفقا لمقال للكاتب ديفيد غاردنر، في صحيفة ”فايننشال تايمز“ البريطانية، ”تُذكر الأحداث الأخيرة النظام الذي اعتاد على التلاعب بشعبه وقمعه، أنه من الطبيعي أن يشعر الشعب بالغضب من التدخل الأجنبي في شؤونه، والسأم من القادة الدينيين الرجعيين الذين أبقوا بلادهم معزولة عن العالم الحديث“.

وأشار غاردنر إلى أن غالبية الشباب الإيراني لم يعرفوا أي نظام آخر غير الجمهورية الإسلامية التي أنشأتها ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه، ولكنهم أفضل تعليمًا ومتصلون رقميًا وأكثر تحديًا ووعيًا بالعالم الذي يمر بهم، ما أدى إلى استهداف الشباب الإيراني للمرشد الأعلى علي خامنئي نفسه.

ورأى غاردنر، أن المظاهرات الأخيرة وقبلها الناجمة عن تخفيضات حادة في دعم الوقود، تختلف عن الاحتجاجات السابقة ضد النظام.

ففي عام 1999، اندلعت الاحتجاجات الطلابية بسبب الإحباط من الطريقة التي تم بها إعاقة الحكومة الإصلاحية للرئيس محمد خاتمي في كل منعطف من قِبل المتشددين الدينيين، ولكن النظام قمع الاحتجاجات وقيد خاتمي. 

وفي عام 2009، خرجت الحركة الخضراء إلى الشوارع للاحتجاج على إعادة انتخاب متشدد آخر، وهو الرئيس محمود أحمدي نجاد، ولكن أيضا تم قمعها.

وتكونت غالبية هذه الانتفاضات من الإيرانيين من الطبقة الوسطى، وتمركزت في العاصمة طهران، ولكن في الآونة الأخيرة، انتشرت الاحتجاجات في جميع أنحاء مدن إيران الحضرية، وشملت العمال العاديين الذين يحتجون على مراكز القوة غير القابلة للمساءلة، وثروة النخبة التي لا تُحصى، وهي أكثر راديكالية وأكثر حدة.

وأكد غاردنر أن قادة حركة 2009 أرادوا إصلاح الجمهورية الإسلامية التي ساعدوا في إنشائها، وليس الإطاحة بها، ومع ذلك يبدو أن خيار الإصلاح الذي سعى لأجله الإيرانيون باستمرار رغم خيبات الأمل، قد تبدد الآن، إذ كانت آخر صوره المتمثلة في المركزية البراغماتية للرئيس حسن روحاني، فاشلة.

وكان روحاني هو المصمم الرئيس للاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى في عام 2015، والذي كان من المفترض أن يفتح إيران واقتصادها على العالم، ولطالما رأى المتشددون الإيرانيون الاتفاق كمنحدر زلق سيؤدي لتغيير النظام.

ويبدو أن انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق في عام 2018، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية، قد خدمهم، إذ شعر الإيرانيون العاديون، الذين أعادوا انتخاب روحاني بفارق كبير في عام 2017، بالخداع، ولكن الآن بدأت العقوبات الأمريكية تدمر الاقتصاد الإيراني، ودفعته من الركود إلى الكساد.

وهذا هو هدف ترامب، ولكن يبدو أن الحرس الثوري وشبكته الواسعة لم يتأثرا بالعقوبات بالقدر الكافي.

استغلال المحور الشيعي

استخدمت المؤسسات الإيرانية الدين ومواردها الهائلة في العقدين الماضيين، لبناء محور شيعي تدعمه إيران من بحر قزوين إلى البحر الأبيض المتوسط.


الإيرانيون لديهم مشاعر مختلطة.. فقد يدعمون خطوط الدفاع الأمامية القوية التي صنعها سليماني، على الأقل في العراق، التي غزت إيران في الثمانينيات.


ولكن كما يبدو أن هناك استياء عاما من دور إيران في دحر موجة التمرد ضد طغيان الرئيس بشار الأسد الوحشي في سوريا، وبينما تقلص تمويل طهران لحزب الله اللبناني، وهو رأس الحربة الإيرانية في بلاد الشام، على مر العقود الماضية، إلا أنها لا تزال تشكل عبئًا على موارد البلد المتضائلة.


ووفقا لغاردنر، فإن إيران تجد نفسها في معضلة، إذ لم ينجح عرضها الأخير، والمتمثل في ضربة صاروخية خالية من الخسائر ضد قاعدتين أمريكيتين في العراق، الأسبوع الماضي، في خداع أحد، ولا أحد يشك في اقتراب المزيد من الهجمات الفتاكة، والتي قد تستهدف حلفاء الولايات المتحدة.


وهذه لعبة محفوفة بالمخاطر، لأنه لا يوجد أي دليل على أن قادة إيران يمكنهم التنبؤ بسلوك ترامب أفضل من الآخرين.


ففي الماضي، استمد رجال الدين الذين يهيمنون على السياسة الإيرانية بعض الشرعية من حيوية مؤسساتها الجمهورية، والانتخابات المتنازع عليها بشدة، ولكن يبدو أن هذا الفصل قد انتهى الآن، قبل الانتخابات البرلمانية التي ستعقد الشهر المقبل، والتي من المحتمل أن تتشكل حول جيل جديد من المتشددين.


فخامنئي يبلغ من العمر 80 عاما، وقد بدأ بالفعل الصراع بين الفصائل على خلافته، وخاصة بعد أن تم قتل سليماني. 



ولذلك من المرجح أن يكون رجال الدين شديدي الحذر، مما يرجح أن المتظاهرين الذين يكافحون من أجل حرية أكبر ومعيشة لائقة، يغامرون بحياتهم.