مِن نصر عدن والحديدة إلى سقوط نهم.. مشاريع الإخوان وخصومهم وحلفائهم

تقارير - Sunday 26 January 2020 الساعة 09:47 pm
نيوزيمن، كتب/ نبيل الصوفي:

مثَّلت "الجنوبية" حافزاً قوياً للتَّحشيد ضد الحوثي، ومنحها التديُّن السَّلفي طاقة إضافية..

السَّلفية الجنوبية مُقاتِلة، خلافاً للسّلفية الشمالية.

السّلفيون الشماليون كالإخوان كالمؤتمر كلها تشبه الشرعية.. كلها نسخٌ من اللواء المحترم "علي محسن".. هي مؤمنة بأنَّ الحوثي عدو، لكنها بعد ذلك تفتقر للعقيدة القتالية في مواجهته.

ثمَّ بالجنوبية والسّلفية أضيف لها إدارة جيش الإمارات، هذه الإدارة التي تصرَّفت بأعلى قدر من الإقدام والمسؤولية، تحرَّكت بآلياتها وقياداتها للميدان.. قالت نحن هنا دم بدم.

وبهذه الثلاثية توافر للحرب ضد الحوثي قوة ضاربة.. ثلاثية أنجزت مهمتها على أكمل وجه.

وأول قراراتها كان تحجيم المثبِّط الأول، وهو الشِّق الحزبي السّياسي، فهذه حرب لا يجب أن تتبع الفشل في سوريا الذي حوّل الحرب ارتزاقاً للسياسيين..

وبالطبع، فإنَّ ذلك أول ما فعله هو تحجيم دور الإخوان والمؤتمر معاً، وهما حزبا السقوط المدوِّي الذي لم تكن 2014 إلا خاتمته.

تجاوزت الثلاثية، كل المُسميات وأنتجت لها آلياتٍ جديدةً لم يسبق أن انتصر عليها الحوثي ولا عرفها أصلاً..

ولذا، فمن شهرها الأول حقّقت الانتصار تلو الانتصار..

هذا جنوباً، أما شمالاً فكان الاختبار في مأرب، وقد كانت القبيلة هناك الطريق لإنجاز الأمر، فتواجد الجيش الإماراتي والعقيدة الاجتماعية للقبيلة المأربية التي تعيش صراعاً أزلياً مع مشاريع السيطرة المركزية شمالاً.. فتكرَّر الانتصار.

وحين انضمت المقاومة الوطنية شمالاً، لم يكتمل عامها الأول إلا وقد طَرقتِ الحرب شارع صنعاء في قلب مدينة الحديدة.

في المقابل، التف بقايا الشرعية، التي أفسحت الطريق للحوثي من أبواب صعدة حتى أوصلته عدن، التفوا على هذه الثلاثية وبدؤوا حروبهم الخاصّة قد يمكن المجادلة أنها عن وعي وسبق تخطيط لمصالح إقليمية، ولكن لا يمكن الجدال أبداً أنه سواءً كان ذلك بقصد أو بدون قصد فهو استهدف هذه الثلاثية الناجحة وحرف بوصلة الحرب على الحوثي من هدفها ومكَّنها من كل الشعارات التي يدَّعيها الإخوان وحلفاؤهم من المؤتمر..

لقد قاد التحالف الإخواني المؤتمري باسم الشرعية حرباً ضروساً لتمكين السّياسة من رقبة الحرب، والتحريض ضد الإمارات وحلفائها جنوباً وشمالاً.. وتم تهييج الرأي العام وتفصيل تُهمٍ عجزَ الحوثي عن اختلاقها للتحالف وبخاصة للإمارات وحلفائها..

سعوا لتفكيك التحالف العربي عن طريق مهاجمة الإمارات، ومهاجمة الدور الذي تقوم به وتشويهها محلياً ودولياً.

منذ بداية الحرب في 2015 لم ينتصر الإخوان في أي معركة ضد الحوثي.. كل الانتصارات التي حققت كانت بقيادة ومتابعو مباشرة من التحالف العربي وتحديداً دولة الإمارات. 

كان للإدارة العسكرية والدعم المباشر من قبل القوات الإماراتية الدور الأكبر في وصول قوات الشرعية إلى نهم، وتوقفت هناك لأكثر من 4 سنوات، والسبب خروج الإمارات من المشهد العسكري في تلك الجبهة.

كل ذلك أصاب الروح الوطنية المقاتلة للحوثي بالتعب والشتات..

غادرت الإمارات أراضي الحرب، لتحافظ على وحدة التحالف العربي وتمنح السعودية فرصة لمعالجة الوضع، ربما أنها قادرة على ترويض الإخوان وترتيب الأمور بطريقة تقلل خسائر المنطقة.. خاصة وقد نجح اتفاق الرياض في منح الجنوب مظلته السّياسية، وشمالاً هناك المقاومة الوطنية تسعى جهدها لتمتين العلاقة مع الرياض في سياق خدمة أهداف التحالف العربي في حماية المنطقة من مشاريع إيران وتركيا.. 

غير أنه وبعد شهرين من توقيع اتفاق الرياض تنهار جبهة نهم، ومثلث الحرب بين صنعاء ومأرب والجوف.. ويحقق الحوثي انتصارات هناك، في الوقت الذي تتواجد قوات الإخوان في شبوة..

لا يمكن الجزم بأنَّ هذا فشل للإخوان، فقد يكون هذا هو المخطَّط، منع التحالف العربي من الانتصار وإضعافه وإضعاف حلفائه جنوباً وتمكين الحوثي شمالاً..

قد يكون هذا مشروعاً إقليمياً معادياً لليمن بشماله وجنوبه.. لكن في الحقيقة قد يكون، أيضاً، كتابة للفصل الأخير من تاريخ الإخوان بكل تحالفاتهم المؤتمرية أو غيرها.. وإفساح الطريق لقوى أخرى تدرك ما يتطلبه النصر على مثل مشروع الحوثي.. نصر ليس طريقه الإخوان إطلاقاً..