الوطنية والجمهورية والهاشمية والأقيال.. المعارك الكبيرة والأمراض الأكبر

تقارير - Sunday 23 February 2020 الساعة 08:56 pm
المخا، نيوزيمن، نبيل الصوفي:

لا فرق بين عبدالملك الحوثي وأي شخص آخر يدّعي الأفضلية السلالية الهاشمية..

أنا مع "الأقيال" في منحى التأكيد أن اليمن ليست ميداناً ليأتي "الهاشمي" متفاخراً بنسبه "السلالي" القادم من قريش السعودية مدعياً أفضليته في حكم اليمن.

ولكني ضد الاستخفاف بهكذا قضية وتحويلها معارك صغيرة تستحضر هاشمية بهاشمية مضادة، فكلها عنصرية.. فكرة المواطنة والانتماء لليمن هي ما يجب أن نتمسك بها في مواجهة السلالية القبيحة.

لست مع من يقول: أنا هاشمي بس وطني، إن كنت وطنياً فلست هاشمياً إذاً.. والعكس صحيح، فالهاشمية ليست مجرد اتصال مجرد، من يؤمن بها ويدعيها هو يحولها آليات مصالح، تنتج أمراضها لتبقى. فتصبح نعرة مرضية.. تزداد توحشاً كلما اقتربت من الحكم.

من يقول أنا هاشمي، هو يضع الأساس الذي بنى عليه الإمامة والحوثيون وحتى داعش البغدادي الهاشمي القرشي تنظيماتهم التي قتلت الناس ودمرت أوطانهم.. والأوطان ليست ميداناً للعبث بزعم التفاصيل الصغيرة..

لا أحد يقول لي إن ادعاء الهاشمية هو مجرد نزعة قبلية عادية مثل ما بقي من قبائل وهي قلة تواصل وجودها في أرضها منذ مئات السنين..

هذا المعنى مقبول لو أن الهاشمي يقول إنه قرشي سعودي.. لكن الخدَّاع المكَّار يقفز سريعاً من الحدود فتصبح الهاشمية هكذا خليطاً من كل الشرور والأكاذيب..

الهاشمية تبدأ في الدين، وأنا ملزم باحترام هذا الحد، لست مع أي تنطع كافر بالنصوص..

لكن ليس في الدين ولا من الدين ما ينقلها من كونها تطييب خاطر لمن يتصل بالنبي ديناً ونسباً، كأي عائلة لأي كبير في قومه، إلى كونها حقاً في تقدم الصفوف، فضلاً عن ادعاء الأحقية في الحكم والأفضلية العرقية المجردة. هذا أكثر الادعاءات انحطاطاً في تاريخ الإنسانية..

اليوم وبالحوثية وداعش لم تغادر الهاشمية الدين وحسب، بل أصبحت عابرة للقارات والحدود، رافضة الدولة الوطنية، متصادمة مع الإيمان بالجمهورية باعتبارها فكرة الشعب.. لا يستقيم الإيمان بالشعب والادعاء بأن هناك من هو أفضل من الشعب..

بالطبع يستوي هذا الادعاء قبحاً مع أي ادعاء آخر يماثله، لمجرد أن هذه العائلة أو هذا الشعار ليس هاشمياً، النعرة الهاشمية استعادت حُظْوتها حتى لدى عائلات النضال السبتمبري الجمهوري؛ بسبب انتقال الادعاء العرقي من بيوت الإمامة إلى عائلات ادعت الجمهورية لتحل محل العائلات هاشمية.

فما دمت سترى لقبك غير الهاشمي يمنحك الأفضلية، فإذاً سيعود الهاشمي باحثاً عن ما ينافسك به، وتضيع اليمن بين الألقاب وصراعات التخلف الرجعي هذا..

ولكن يبقى الادعاء الهاشمي هو الأخطر، لأنه يبدأ أولاً بالاستيلاء على الدين ثم يستخدمه ضد أبناء الله وعياله من بني البشر، تماماً كما هي النزعة اليهودية التي ترى شعبها هو شعب الله المختار..

هناك ديانات ومناهج تقول ذات الشيء، فاليابان بكلها ترى حاكمها ابن الله، وفي الهند يحافظ الفقراء على فقرهم حتى لا يعصون الآلهة التي خلقتهم فقراء وخلقت غيرهم أغنياء.. ولكن كل هذه هي تحكم من يؤمن بها فقط، أما أبوبكر البغدادي وحسن نصرالله وعبدالملك الحوثي فهم يقتلون من لا يخضع لهم، ينتقلون من فكرة سلالية دينية إلى مشروع حكم وسيطرة، وهم يتكئون للأكاذيب، فعلي بن أبي طالب حكم وانتهى عهده، وابنه الحسن تنازل لمعاوية، والحسين ثار ضد الحكم العائلي لأجل إعادة الحكم للناس، وهو نقيض السلالية الهاشمية الخداعة..