أكذوبة مكائن الخياطة.. حرب حوثية ناعمة ضد المجتمع بإسناد حكومي

السياسية - Monday 09 March 2020 الساعة 09:59 pm
صنعاء، نيوزيمن، أحمد فؤاد:

تواصل مليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- الإمعان في تعذيب اليمنيين في مناطق سيطرتها مبتكرة أساليب تدميرية جديدة، تستهدف تدمير قلاع الرفض المجتمعي لمشاريعها، وتفتيت روح المقاومة الصامتة في نفوس الناس، وتعطيل أي محفزات وعوامل مشجّعة على إمكانية التعايش مع هذه الجماعة..

بموازاة سرقة مرتبات الموظفين، ونهب سلال المواد الغذائية المقدمة كمساعدات إغاثية أممية للمواطنين في مناطق سيطرة الحوثي، وفرض الاتاوات والجبايات المالية المتكررة على مزاولى أي نشاط تجاري مهما كان محدوداً، شرعت مليشيا الحوثي في إطلاق شائعات مدروسة داخل الأوساط المجتمعية، ذات أبعاد وأهداف سياسية واقتصادية وثقافية ونفسية وحربية.

مثل انتشار النار في الهشيم، انتشرت خلال الأيام القليلة الماضية، في الأوساط المجتمعية، شائعة بيع مكائن خياطة قديمة بأسعار خيالية (ملايين الريالات)، تحت أكذوبة احتواء هذه الاجهزة على أجزاء صغيرة من مادة الزئبق أو الذهب، وأن هناك طلبا عالميا وتحديدا إيراني لشراء هذه الخردوات لاستخدامها في الصناعات النووية، حسب عناصر الأكذوبة.

خلافات أسرية وتدمير معنويات الشباب

نتائج وآثار هذه الشائعة التي أطلقتها مليشيا الحوثي وفق رؤية علمية منهجية، لم تتوقف عن تحقيق الأهداف الجيوسياسية لمليشيا الحوثي، بل تعدت ذلك إلى نشوب خلافات أسرية ووقوع حوادث شجار بين أفراد أكثر من أسرة ومجتمع محلى، كما أنها ألحقت أضراراً نفسية كبيرة بكثير من أرباب الأسر وقطاع الشباب والمرأة.

ويشدّد الباحث الاجتماعي/ عبدالقادر صلاح، على خطورة مثل هذه الشائعات ويصفها بأنها بمثابة "حرب ناعمة وسلاح دمار شامل" خاصة في ظل تحكّم مليشيا الحوثي بمفاصل أجهزة الإعلام واحتكارها للمشهد الإعلامي، وقال: "ليست شائعة مكائن الخياطة هي الأولى فقد سبقها شائعات كثيرة في سياق الحرب النفسية المستخدمة ضد المجتمع".

ويعتقد صلاح أن مليشيا الحوثي سعت من وراء إطلاق هذه الشائعات إلى قياس مستوى نجاحها في تدمير وعي الناس وتجهيلهم خلال السنوات الخمس الماضية، ومدى تقبل المجتمع لأفكارها وخزعبلاتها، "هي فكرة مماثلة لحكاية القطرنة أيام نظام الإمامة لكن الفكرة اليوم جاءت مطوّرة فقط".

ولم يستبعد كذلك وجود أهداف أخرى لمليشيا الحوثي، أو من يقف وراءها، لصناعة وبث هذه الشائعة، "جمع معلومات اقتصادية مثلا، إثارة خلافات داخل الأسر، تدمير معنويات قطاع الشباب".

ويرى الباحث الاجتماعي/ عبدالقادر صلاح، أن مليشيا الحوثي في حالة حرب مستمرة مع المجتمع، وأنها تواجه نوعاً من المقاومة المجتمعية الصامتة، "عوامل بقائها قائمة على معيار قوة السلاح وإفقار المواطنين وتجهيلهم وتضليلهم"، ولذلك فهو لا يستبعد أن يكون من أهداف شائعة مكائن الخياطة، تحطيم معنويات الناس، وأضاف: "ربّما أنها كانت طُعما لمعرفة ورصد وتحليل ردود الفعل، ومعرفة معنويات المجتمع وقدراته الاقتصادية ومصادر الدخل لبعض الأسر والقطاع التجاري والاستثماري".


حكومة هادي في مهمة إسناد الحوثي

وينتقد صلاح غياب أي دور اقتصادي أو إعلامي لما يفترض أنها حكومة شرعية في مواجهة هذه الشائعات وتفنيدها وشرح أبعادها وأهدافها والجهات التي تقف وراءها، وحماية المزاج الشعبي الرافض وغير المتقبل لواقع المليشيا، وقال: "من المفارقة هنا أن الحكومة الشرعية بقطعها مرتبات موظفي صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيا، ساهمت بذلك في تحقيق أهداف مليشيا الحوثي وحروبها التدميرية ضد المجتمع".

وتعتبر الإشاعات من أقدم الوسائل لزعزعة أمن المجتمع، أو حتى تشتيت استقرار وتفكير شخص أو أسرة، وعبر التاريخ، شكّلت الإشاعات واحدة من أهم أدوات أنظمة الاستبداد، وذلك لضبط المجتمعات المحكومة قسرياً، عبر رصد وجمع المعلومات وقراءة وتحليل ردود فعلها على حدث أو إشاعة ما، ليتم الانتقال بعد ذلك إلى مرحلة وضع الآليات الضابطة لهذا المجتمع استنادا لردود الفعل المرصودة..